ابن القاسم: إلا أن يريد فيأبى أن يثيبه، فلا يلزم الموهوب له ثواب، والواهب على هبته، يأخذها إن شاء ولا يلزم الموهوب له ثواب، إذا كانت على حالها، وفضل حال، وكذلك بلغني عن مالك. قال ابن القاسم: فإن كانت جارية فوطئها الموهوب له، لزمه قيمة الثواب، وتعجيله، فإن فلس الموهوب له، كان للواهب ما وهب، إلا أن يشاء الغرماء أن يدفعوا إليه قيمتها يوم وهبها ويأخذوها. قال ابن القاسم: النماء والنقصان فوت، ويجبر الموهوب له على الثواب.
قال محمد بن رشد: مذهب ابن القاسم في الهبة للثواب، أن الواهب إذا دفعها للموهوب له، فقد ملكه إياها بقيمتها، وانقطع خياره فيها، فكان الموهوب له هو المخير، بين أن يردها أو يثيبه فيها بقيمتها، ما لم تفت عند الموهوب له. قال مرة بالنماء والنقصان، وهو قوله في المدونة وأحد قوليه في هذه الرواية، ويلزمه القيمة فيها وينقطع خياره.
وأما طول الزمان، وحوالة الأسواق، فليس يفوت ولم يختلف في ذلك قوله، ووقع في كتاب الشفعة من المدونة ما يبدل أن الواهب أحق بهبته، وهو بالخيار فيها ما لم يرض منها حتى تفوت عند الموهوب له بزيادة أو نقصان، وهو قوله فيه؛ لأن الناس إنما يهبون الهبات للثواب، رجاء أن يأخذوا أكثر من قيمة ما أعطوا، وإنما رجعوا إلى القيمة حين تشاحوا بعد تغير السلعة، ومثله في المدونة من رواية عيسى عن ابن القاسم، خلاف رواية محمد بن يحيى السيابي عن مالك فيما قال.
وحدثني محمد بن يحيى السيابي أنه سمع مالكا يسأل عن الرجل يهب الهبة لرجل رجاء ثوابها، فيثبته بقيمتها أو بأكثر من ذلك، فيقول الواهب: لا أرضى بهذا ثوابا، ولم يبلغ فيه رضاي، كيف الأمر فيه؟ قال: لا ينظر في هذا إلى قول الواهب، ويسأل عن تلك الهبة أهل البصر، فيعطي قيمتها، وليس له غير ذلك، وليس له على الموهوب له في هبته قيمتهما خمسون