أن يأمر ولا ينهى، وإذا عدم الشرط الثالث ووجد الشرطان الأول والثاني جاز له أن يأمر وينهى، ولم يجب ذلك عليه، والدليل على وجوب ذلك بالشرائط المذكورة قول الله تعالى:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}[التوبة: ٧١] ، وقوله:{الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ}[الحج: ٤١] ، وقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «والذي نفسي بيده، لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد السفيه، ولتأطرنه على الحق أطرا، أو ليصرفن الله قلوب بعضكم على بعض، ويلعنكم كما لعن بني إسرائيل، كان إذا عمل العامل منهم بالخطيئة نهاه الناهي تغريرا، فإذا كان من الغد جالسه وآكله وشاربه، وكأنه لم يره على خطيئة بالأمس، فلما رأى الله ذلك صرف قلوب بعضهم على بعض، ولعنهم على لسان نبيهم داود وعيسى صلى الله عليهما {ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ}[المائدة: ٧٨] » وحمل الرجل الخمر علانية ومشيه مع المرأة الشابة يحادثها وما أشبه ذلك من المناكر الظاهرة، لا يقدر عنى تغييرها جملة إلا السلطان، فواجب عليه أن ينكرها ويغيرها جهده، بأن يولي من يجعل إليه تفقد ذلك والقيام به، قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة، ولكن إذا عمل المنكر جهارا استحقوا العقوبة كلهم» . ويستحب لمن دعاه الإمام إلى ذلك أن يجيبه إليه إذا علم أن فيه قوة عليه كما قال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لما في ذلك من التعاون على فعل الخير، قال تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المائدة: ٢]