ومن لم يدع إلى ذلك، فيجب عليه أن ينكر من ذلك ما أطلع عليه مما مر به واعترضه في طريقه على الشرائط الثلاث.
وأما الانتداب إلى ذلك، والقيام بتفقده وتغيره، فلا يجب على أحد في خاصة نفسه سوى الإمام، وإنما يستحب ذلك له إذا قوي عليه، وهو قول مالك في هذه الرواية، وددت أن بعض الناس يقوم في مثل هذا ويمنع منه، وقول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}[المائدة: ١٠٥] معناه في الزمان الذي لا ينتفع فيه بالأمر بالمعروف ولا بالنهي عن المنكر، ولا يقوى من ينكره على القيام بالواجب في ذلك، فيسقط عنه الفرض فيه، ويرجع أمره إلى خاصة نفسه، ولا يكون عليه سوى الإنكار بقلبه، ولا يضره مع ذلك من ضل، يبين هذا ما روي عن أنس بن مالك قال:«قيل: يا رسول الله، متى نترك الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر؟ قال: إذا ظهر فيكم ما ظهر في بني إسرائيل، قيل: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: إذا ظهر الادهان في خياركم، والفاحشة في شراركم، وتحول الملك في صغاركم، والفقه في أراذلكم» .
والذي كان ظهر في بني إسرائيل هو ما تقدم في الحديث الذي قبل هذا، ويريد بالملك السلطان الذي إليه إقامة أمر الإسلام من إقامة الجمعة والجماعات، وجهاد العدو، وسائر ذلك مما يرجع أمر الشرع إلى الإمام، فليزم العامة الاقتداء به، وما روى عن أبي أمية قال: «سألت أبا ثعلبة الخشني فقلت: كيف نصنع في هذه الآية؟ قال: أية آية؟ قلت:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}[المائدة: ١٠٥] فقال