يصب إلا القليل، أو لم يصب شيئا، فعليه مثل الذي له، ولهذا إجارته كاملة على قدر عمله. فإجارة مثله ليس بمثل ما سمى له، إن كان سمى له تسمية مع ما يصيب؛ لأن الإجارة فسدت بالجزء الذي استثنى مما يصيب، فلا يدري أيصيب أم لا؟ فصارت مخاطرة؛ كالذي يستأجر في الزرع، وعمله بجزء مما يخرج، وصار حراما فاسدا، وكذلك هذا. ولو كانت الإجارة من نفقته وطعامه وشرابه فقط أو تسمية مسماة من العين دونها أو معها، وليس له في الإصابة شيء كان حلالا، وكان جائزا، وكان مما يبين أن الكسب كله للباعث، وكان بمنزلة الأجير يستأجر بقدر له، ويعمل بشيء مسمى فذلك جائز، وبمنزلة الرجل يستأجر الأجير يوما على أن يصيد له صيد البحر أو البر بشيء مسمى، فذلك له جائز، ما أصاب فهو له، وما لم يصب ليس عليه فيه غرم، وليس عليه إلا اجتهاده؛ لأنه إنما استأجره على أن يعمل ما يعمل الصائد من نصب، وإلقاء شبكة، أو نصب حبالة أو غيره مما يعرف، فهو كالصانع فلا بأس به.
قال محمد بن رشد: أما إذا استأجره على أن يعمل في المعدن بجزء مما يخرج منه على أن له نفقته، فالمكروه فيها بين، والفساد فيها ظاهر؛ لأن الغرر فيها موجود في جهة كل واحد منهما؛ لأن الأجير يعمل على شيء مجهول، لا يدري ما هو، ولا ما يحصل له فيه، والمستأجر ينفق على أن يأخذ في نفقته جزءا مما يخرج من المعدن، فكأنه باع نفقته بذلك، وهو غرر بين. فقول أصبغ: إنها إجارة فاسدة، يكون النيل للمستأجر، ويكون للأجير أجرة مثله إن فاتت الإجارة بالعمل صحيح، والاختلاف الذي ذكر أنه وقع فيها بعيد. وإنما الاختلاف المعلوم في ذلك إذا استأجره على