هذا الوجه بكل ما يقدر عليه وليس يتكفف الناس، فقال: ما أرى مثل هذا إلا متعففا عن المسألة غير متكفف الناس ولا يسأل في عامتهم، فلا أرى أن ترد شهادة مثل هذا إذا كان عدلا وإنما ترد شهادة السائل المتكفف، فأما المعترض لإخوانه المتعفف والآخذ من مثل ما وصفت فلا أرى أن ترد شهادته بذلك.
قال محمد بن رشد: إنما اختلف جواب ابن وهب في هاتين المسألتين لاختلاف السؤال فيهما، وذلك أنه سأله في السؤال الأول عن الذي يسأل سؤالا مصرحا دون تعريض حتى يعرف بالسؤال فرأى ألا تجوز شهادته، ومعنى ذلك إذا سأل لغير سبب يعرف فقال في المجموعة: وأما من نزلت به مصيبة ألجأته فيسأل بعض إخوانه وليس بالمشهور بالمسألة فلا ترد شهادته، وقال ابن كنانة في المجموعة وكتاب ابن سحنون وكذلك إن رزىء برزية مثل دية وقعت عليه وشبهه من العذر لم ترد شهادته بذلك إذا كان عدلا.
وسأله في السؤال الثاني عن الذي يأخذ من الصدقات ويطلب الأخذ منها بكل ما يقدر عليه من التلطف والتعرض مع التستر عن السؤال المصرح المكشوف فرأى أن تجوز شهادته، وهذا بين من ألفاظ المسألتين إذا اعترت، وقد ذهب بعض الشيوخ إلى أن ذلك اضطراب من قول ابن وهب في هذه المسألة فقال: اضطرب ابن وهب في هذه المسألة، وجواب الآخر أشكل بالأولى وجواب الأولى أشكل بالأخر فإن كان ثقل عليه سؤال الرجل الأول من الرجل الشريف أو ما يتصدق به على أهل الحاجة فكان ينبغي أن يثقل عليه أكثر طلب الثاني من وصية أو إمام كما ذكر أو ما أشبه ذلك بكل ما يقدر عليه، وكلاهما سائل لا محالة،