الحق. والثاني: أن يكون مصدقا للشاهدين جميعا، مدعيا ما شهد له به أحدهما، من أنه قبض الطالب منه خمسمائة، فإن كان مكذبا للشاهدين جميعا، منكرا لجميع ذلك، كان وجه الحكم في ذلك أن يوقف الطالب، فإن كذب الشاهد الذي شهد بأن المطلوب قضاه خمسمائة، وقال: إنه شهد بزور، بطلت شهادته له بإقراره أنه شهد بزور، ولم يكن له أن يأخذ الخمسمائة حتى يحلف عليها مع الشاهد الآخر، وإن قال: إنه شبه عليه، ولم يتعمد الزور لم تبطل شهادته له، وأخذ الخمسمائة بلا يمين؛ لاجتماع الشاهدين له عليها، وإن شاء أخذ الألف بيمينه مع الشاهد الذي شهد له بها، ولم يكن للمطلوب أن يحلف مع الشاهد الذي شهد له بالقضاء؛ لأنه مكذب له، وإن صدقه وقال: إنه شهد بحق، أخذ الخمسمائة بلا يمين، ولم يكن له إلا ذلك.
وإن كان المطلوب مصدقا للشاهدين جميعا، مدعيا لما شهد له أحدهما من أنه قضى الطالب منها خمسمائة، كان وجه الحكم في ذلك أن يحلف مع شاهده الذي شهد له أنه قضاه خمسمائة، ويبرأ منها، ويؤدي إلى الطالب الخمسمائة الباقية، فإن نكل عن اليمين حلف الطالب أنه ما قضاه شيئا، وأخذ جميع الألف، فالمعنى في المسألة أنه أجاب فيها أولا على أن المطلوب مكذب للشاهدين جميعا، منكر لجميع الحق، وعلى أن الطالب يدعي الألف، وينكر الاقتضاء الذي شهد به أحد الشاهدين، ولا يدعي عليه تعمد الشهادة بالزور، فلذلك قال: إن الطالب مخير بين أن يأخذ الخمسمائة بلا يمين، أو الألف مع اليمين.
وقوله بعد ذلك: إلا أن يحلف المطلوب مع الشاهد له بالقضاء أنه قضاه خمسمائة إلى آخر قوله، معناه إن رجع بعد يمين الطالب على الألف إلى الإقرار بأصل الحق، وادعى ما شهد له أحد الشاهدين من القضاء؛ لأنه حينئذ يكون له ما ذكره من أن يحلف مع الشاهد له بالقضاء أنه قضاه خمسمائة، فإن حلف بطلت عنه، ولم يجب للطالب إلا خمسمائة، وإن نكل عن اليمين غرم الألف دون أن يحلف الطالب، وقد تقدمت يمينه، فهذا معنى المسألة عندي؛ إذ لو كان أولا مقرا