للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن مالك: أن له أن يقلع الزرع سواء قدر أن يزرع أم لا، قال: والأول أحب إلينا، وظاهر قوله أن له أن يقلع الزرع وإن لم يقدر أن يزرع في الأرض شيئا أصلا، ومعنى ذلك عندي إذا كان ينتفع بذلك لحمام أرضه، أو لوجه من وجوه المنافع غير الزرع؛ لأنه إذا لم يكن له في ذلك منفعة بحال فهو بقلعه قاصد إلى الإضرار، وقد قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا ضرر ولا ضرار» ، وإذا لم يكن للغاصب في زرعه إذا قلعه منفعة فليس له أن يقلعه ويكون لصاحب الأرض؛ لقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «ليس لعرق ظالم فيه حق» وإذا كانت له في قلعه منفعة إن قلعه فيلزمه أن يقلعه، وليس له أن يتركه لرب الأرض إلا برضاه، إذ من حقه ألا يقبل معروفه.

واختلف إن أراد رب الأرض أن يعطيه قيمته مقلوعا ويأخذه، فقيل: إن ذلك غير جائز؛ لأنه بيع الزرع قبل أن يبدو صلاحه، وهو دليل ما في سماع سحنون من كتاب المزارعة، وقيل: إن ذلك له، وهو جائز؛ لأنه في أرضه ويدخل بالعقد في ضمانه وهو ظاهر ما في كتاب كراء الأرضين من المدونة، ولو رضي المستحق أن يترك الزرع للغاصب بكراء يواجبه عليه الغاصب لم يحل، قاله ابن المواز، إذا كان الزرع صغيرا جدا لا منفعة فيه للغاصب إن قلعه؛ لأنه قد وجب لرب الأرض فيدخله بيع زرع لم يحل مع كراء.

قال ابن أبي زيد: ولو كان الزرع ينتفع به الغاصب لو قلعه لجاز ذلك؛ لأن الزرع قد

<<  <  ج: ص:  >  >>