ترجع إليهما؛ لأنهما قيدا مشيئتهما بما لا يمكن أن يكون، فبطلت، وكذلك إن قالا: قد شئنا إن شاء فلان، وفلان ميت، وقد علمنا بموته، إذ لا يمكن أن يشاء الميت على مذهب ابن القاسم في الذي يقول امرأتي طالق إن شاء هذا الشيء، لشيء لا يمكن أن يشاء، مثل الحجر وشبهه إنه لا شيء عليه، ويأتي على مذهب سحنون الذي يلزمه الطلاق، ويرى ذلك ندما منه أن يلزم الطلاق في المرأة، والعتق في العبد، ويعد ذلك منه ندما؛ لأن المرأة والعبد ينزلان بما ملكا من العتق والطلاق، منزلة من ملكها، وقد يكره العبد العتق، فيقول: إن شاء هذا الشيء، لشيء لا يشاء ندما. وأما إذا قالت: قد شئت إن شاء فلان، وقد فوضت أمري إلى فلان، وفلان حي، فلا يخلو على مذهب ابن القاسم من أن يكون فلان حاضرا أو غائبا قريب الغيبة، أو غائبا بعيد الغيبة، فأما إن كان حاضرا، فينزل منزلتها ويقال له: إما أن تقضي وإما أن ترد، ويكون ذلك إليه ما لم ينقض المجلس، أو ما لم يوقفه السلطان على اختلاف قول مالك في الذي يكون إليه أمر المملَّكة بيدها، وأما إن كان غائبا قريب الغيبة، قال: هاهنا مثل اليوم واليومين والثلاثة، وما أشبهه، وقال في الواضحة من رواية أصبغ عنه مثل اليوم وشبهه، فيوقف الأمر، ويخير إلى أن يعلم ما عنده استحسانا، قال: والقياس أن يقف الساعة، وإنما قال مالك: هو القياس؛ لأنها لو سألت أن تؤخر إلى أجل قريب، ترى في ذلك وتنظر، لم يكن لها بإجماع، فإذا لم يكن لها أن تؤخر في نفسها، لم يكن لها أن تؤخر إذا جعلت ذلك لغيرها، وأما إذا كان غائبا بعيد الغيبة، فيرجع الأمر إليها وتوقف الساعة على كل حال.
وأصبغ يرى أنه ليس لها أن تحول الأمر إلى غيرها وإن كان حاضرا، ويرجع الأمر إليها، فتقضي أو ترد. وقوله يأتي على رواية علي بن دينار زيادة عن مالك في كتاب الخيار من المدونة. والعبد والمرأة في القياس سواء، إذ لا فرق فيه بين تمليك المرأة الطلاق، وتمليك العبد للعتق، إذ لا يفترقان في الحد الذي ذلك إليهما فيه، فقوله في العبد: إنه ينتظر في البعيد الغيبة استحسان على غير قياس.
ويأتي في نوازل سحنون من كتاب الإيلاء، القول في جعل الرجل أمر امرأته بيد رجل غائب وبالله التوفيق.