عدالة، ووجه قول سحنون ورواية ابن نافع عن مالك في أنه لا يجوز أن يقضي منهما إلا باثنين عدلين مراعاة للاختلاف، إذ من أهل العلم من لا يرى الحكم بالقافة أصلا، وهو مذهب أبي حنيفة، إذ لا يصح عنده القطع من ناحية الشبه على أن الولد لمشبهه، وإنما هو دليل قد يخطئ ويصيب فلا يجب عنده أن يحكم بالولد لمن تقول القافة إنه من نطفته، ويجوز لمن يقع في قلبه مثل ذلك ولمن يعلم حقيقة الأمر فيه أن يسر به، وإن لم يكن مع ذلك وجوب حكم ولا قضى كما «فعل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذ دخل مجزز المدلجي عليه فرأى أسامة وزيدا وعليهما قطيفة قد غطيا رؤوسهما فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض» وهذا الحديث أصل عندنا في وجوب الحكم بقول القافة، والوجه فيه عند أبي حنيفة ما ذكرته، ولمالك في سماع أشهب من كتاب الاستلحاق أنه لا يقضى من القافة إلا بقول قائفين، فظاهره مثل رواية ابن نافع هذه إلا أنه علل ذلك بأن الناس قد دخلوا ولم يشترط في ذلك عدالة فدل ذلك من تعليله على ما ذكرنا