فلما أراد أن يتزوجها على ذلك قال له أبوها: هل لك أن نضع عنك عشرين دينارا ونزوجكها بأربعين دينارا على أن لها ألا تخرج بها من المدينة؟ فقال: نعم، وتزوجها على ذلك. ثم أراد الخروج بها فقال: ذلك له، وعليه العشرون دينارا التي وضع من صداقها لمكان الشرط، قيل له: إنه لم يقع النكاح بالستين، إنما كان مذاكرة، فقال: ولكن ذلك صداقها، وإنما الذي لا يكون له فيه شيء أن تقول: أتزوجك بمائتي دينار أضع عنك مائة على أن لا تخرجني، فهذا ليس بصداق، وله أن يخرجها ولا شيء عليه، قيل له: أرأيت إذا واطأها على ستين دينارا ثم وضعت له عشرين على أن لا يخرجها من بلدها، ثم طلقها قبل أن يمسها، أتأخذ منه نصف الصداق ثلاثين أم عشرين؟ فقال: لا بل لا تأخذ إلا عشرين، وليس لها في هذا حجة؛ لأنه قد تركها على ما شرط لها ولم يخرجها، فليس لها إلا نصف الأربعين، قال: وإني لأرى الوفاء لمن شرط لامرأته أن لا يخرجها حسنا ينبغي له أن يفعل، ولا أرى ذلك عليه، وإني لأكره أن ينكح على مثل هذا ألا يخرجها من بلدها ولا يمنعها من داخل يدخل عليها، ولا يمنعها من حج ولا عمرة ولا من الخروج، إذا كان هكذا فهو لا يملكها ملكا تاما، فأنا أكرهه كما أكره أن يشتري الرجل الجارية بشرط، وليس هكذا يكون النكاح.
قال محمد بن رشد: لم يختلفوا أن ما وضعت عنه بعد العقد من صداقها للشرط لها أن ترجع فيه إن لم يف لها بالشرط، وجعل هاهنا ما وضعت عنه مما تواطأوا عليه، وإن لم يتم العقد بمنزلة ذلك لها أن ترجع فيه إن لم يف لها بالشرط، قال محمد بن المواز: وذلك إذا كان الزوج قد رضي بما تواطأوا عليه، وأما إذا لم يكن من الزوج رضى إلا بما عقد بعضه ببعض فلا رجوع لها في شيء من ذلك، وقول محمد تتميم للمسألة وبيان لها، وهي مسألة صحيحة والوجه فيها أنها لم ترض أن تتزوج بما دون الستين التي قد