في ذلك فأخذ كل واحد منهما مائته ونصف مائة الغائب فلا اختلاف في أن المقاسمة جائزة نافذة على الغائب وفيما بين الشريكين، فيكون الغائب شريكا لكل واحد منهما على انفراد بالثلث، يأخذ ثلث ما بيد كل واحد منهما كان قد ربح فيه أو خسر، وأما إن كانا اقتسما المال بعد أن نهاهما عن اقتسامه وأخذ كل واحد منهما مائته ونصف مائة الغائب فتجوز قسمتهما على نفسهما فيما بينهما ولا تجوز على الغائب، ويكون كل واحد منهما متعديا عليه في ذلك فإن تجرا فربح أحدهما وخسر الآخر كان الذي خسر ضامنا لما خسر في نصيب الغائب وهو قول أصبغ إنه إن كان تقدم إليهما لم يلزم المقيم من الخسارة شيء وكانت الوضعية عليه بتعديه بالقسمة وفي قوله: وكذلك لو وضع يريد الشريك الآخر لزمه من الوضعية بقدر ما له معه من المال إشكال ومراده بذلك أن الشريك الآخر لو وضع كما وضع الأول للزمه أن يضمن للغائب من الوضعية بقدر ما له من المال كما ضمن الآخر فالهاء من لزمه عائدة على الشريك الذي تجر في المال لا على الغائب ولو لم يبق بيد الذي تجر وخسر من المال ما يقوم بحظ الغائب من الخسارة وهو عديم لكان من حقه أن يرجع على الآخر بما نقص من حقه؛ لأن كل واحد منهما متعد عليه في القسمة فإن رجع بعدم الذي خسر رجع بذلك المرجوع عليه على الذي خسر فاتبعه به دينا في ذمته لأنه المتعدي بالتجر فيه دون شريكه، ولو تلف المال في يد أحدهما وهو عديم فرجع الغائب على الآخر لما كان للمرجوع عليه رجوع على الذي تلف المال عنده إذ لم يتعد فيما صار بيده منه ولا تلف بسببه، وأما إن كانا قد قسما المال دون أن يتقدم إليهما الغائب فيه بإذن أو نهي فاختلف هل يكونان متعديين في قسمة أم لا على قولين؟ أحدهما أنهما لا يكونان متعديين في قسمته كما لو أذن لهما في ذلك، وهو قول أشهب وأصبغ في هذه الرواية والثاني أنهما يكونان متعديين في قسمته كما لو نهاهما عن ذلك، وإلى هذا ذهب محمد بن المواز، وهو أظهر، ووجه قول أصبغ وأشهب أنه لا ضرر على الغائب في القسمة إذ قد دخل معهما على أن لكل واحد منهما أن ينفرد بالبيع والشراء دون