يكن خطأً فمن ابن مسعود ولا تعلق له في ذلك، لاحتمال أن يريد إصابة النص إن كان في النازلة نص لم يعلم به، كحديث يروع بنت واشق في نازلتِه. والصواب أَن كل مجتهد مصيب عند الله تعالى.
وقد بينا هذه المسألة بياناً شافياً في كتاب الأقضية من مختصر كتاب الطحاوي في شرح مشكل الحديث والشيء الذي سُئِل عنه بالعراق فقال فيه: ثم قدم المدينة فوجد الأمر بخلاف ما قال، فلما رجع لم يحط رحلته ولا دخل بيته، حتى أتى الرجل، فأَخبره بذلك، هو أَنه سئل عن نكاح الأم بعد الابنة إن لم تمس الابنة، فأَرخص في ذلك فلما قدم المدينة سأَل عن ذلك فأُخبر أن الأمر بخلاف ما قال، وأَن الشرط إنَّما هو في الربائب، لا في أُمهات النساء، فرجع الكوفة، فلم يدخل منزله حتى أتى الرجل الذي رخص له في ذلك، فأمره أن يفارق امرأَته على ما وقع من ذلك في الموطأ وقد روي إجازة ذلك عن علي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت. وقال به من شذَّ من العلماء. وله وجهان من التأويل: أَحدهما أن يجعل قوله: {مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ}[النساء: ٢٣] عائد على الربائب وعلى أُمهات النساء، بإِضمار أَعني إذ لا يجوز في العربية أَن يكون اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ. نعت لأمهات الربائب، وبنات الأمهات، لأن بنات الأمهات مخفوض بالإِضافة، وأُمهات الربائب مخفوض بمن، ولا يجوز أَن ينعت بنعت واحد، ما عمل فيه عاملان. والوجه الثاني أن يجعل قوله:{مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ}[النساء: ٢٣] شرط لاتصال الكلام، فيبيح نكاح الأم إذا لم يدخل بالبنت، ويبيح نكاح الربيبة إذا لم يدخل بالأم، فالقياس عليها. وبدليل قوله:{وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ}[النساء: ٢٣] إذ لا تكون الربيبة في حجره حتى يدخل بأُمها، لأن من ذهب إلى هذا يجعل قوله:{وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ}[النساء: ٢٣] كلاماً متصلًا