ويحتمل أن يكون تكلم في الرواية على أن العرف كان عندهم أن الجز على البائع، وأن الضمان منه؛ لأن الخلاف لا يتصور إلا مع عدم العرف والشرط؛ وقال: وقال ابن دحون: معنى المسألة أن المشتري اشترط الجزاز على البائع، فلهذا كان الضمان منه، قال: وكذلك وقع في سماع ابن أبي أويس: أن المشتري اشترط الجزاز على البائع، قال: ولو لم يشترطه عليه؛ لكان الجزاز عليه، والضمان منه؛ كالثمرة إذا اشتراها بعد طيبها، فالجزاز والضمان على المشتري؛ فإن اشترط المشتري الجداد على البائع، كان الضمان منه؛ وفي هذا عندي من قوله نظر؛ لأن الحكم لو كان أن الجزاز على المشتري، والضمان منه قولا واحدا؛ لما صح أن يتنقل الضمان عن المشتري إلى البائع باشتراط الجزاز عليه، ولكان البيع فاسدا إن وقع بشرط الضمان؛ لأنه قد حصل له جزء من الثمن، فصار مبتاعا له بما وقع له من الثمن، وإنما يجوز اشتراط الضمان في البيع إذا كان أمرا مختلفا فيه، فإذا قررنا أن في المسألة قولين؛ أحدهما: أن الجز على البائع، والضمان منه. والثاني: أن الجز على المبتاع والضمان منه، جاز أن يشترط الجز والضمان على البائع، على القول بأن ذلك على المشتري؛ وجاز أن يشترط ذلك على المشتري على القول بأنه على البائع، كشراء السلعة الغائبة على الصفة، يجوز أن يشترط البائع الصفة، وأن يشترط المبتاع أنها من البائع حتى يقبضها هو أو رسوله.
وإذا قررنا أنه لا اختلاف في أن الجز على المبتاع والضمان منه، واشترط المبتاع الجز على البائع والضمان، كان البيع فاسدا؛ وإن شرط عليه الجز وسكت عن الضمان، كان البيع صحيحا؛ لأنه إنما اشترى منه الصوف جزافا، واستأجره على جزازه، كمن اشترى من رجل ثوبا على أن على البائع خياطته، أو قمحا على أن عليه طحينه، فلا يضمنه البائع؛ إلا أن يكون صانعا قد نصب نفسه