يكره مخالطته وخصومته ويأمن من ناحية هذا وإن كان أقلهما عطية، قيل له: فإن أمره أن يبيع من الذي زاده فأبى أن يأخذ؟ قال: أرى أن يلزمه البيع، قيل له: إنه يقول: لا حاجة لي بها، فقال: لا حجة له وأرى البيع قد لزمه.
قال محمد بن رشد: أجاز للوكيل أن يخبر رب السلعة بالزيادة التي زاد فيها بعد أن باعها على أن يستأمر صاحبها ولم ير ذلك من وجه ما نهي عنه من أن يسوم الرجل على سوم أخيه حقيقة؛ لأن النهي إنما معناه إذا ركن المتبايعان كل واحد منهما إلى صاحبه وقرب البيع أن يتم بينهما، وصاحب السلعة المستشار ههنا غائب لا يعلم إن كان يثبت البيع بذلك الثمن أم لا، فلذلك استخف للرجل أن يزيد وأجاز للوكيل أن يعلم رب السلعة بالزيادة، وقد كره مالك في رسم الأقضية من سماع أشهب بعد هذا وقال: بئس ما صنع الذي زاد، لم يصب بذلك، إلا أنه أجاز للوكيل أن يخبر صاحب السلعة بالزيادة للمعنى الذي ذكرناه. وأما قوله: إن الذي زاد يلزمه أخذ السلعة بما زاد إذا أمضاها له بذلك صاحبها فهو خلاف ما في كتاب بيع الغرر من المدونة من أنه لا يلزم المتساومين لا البائع بما بذل من السلعة ولا المبتاع بما أعطى فيها، ولكل واحد منها أن يقول: إنما كنت لاعبا غير مجد ويحلف على ذلك ولا يلزمه البيع، ومثل ما في سماع أشهب من كتاب العيوب ومن كتاب جامع البيوع في أول رسم منه من أن البيع يلزم كل واحد منهما إذا كانت السلعة قد وقفت للبيع، وقد مضى تحصيل القول في هذه المسألة مستوفى في أول رسم من سماع أشهب من كتاب العيوب فلا معنى لإعادته.