وصدقه الذي زعم أنه وضعه على يديه، وقال الراهن: لم تضعه على يدي أحد، وإنما هلك عندك، وليس للمرتهن بينة على أنه وضعه على يدي الذي زعم أنه وضعه على يديه، إلا قوله وقول الذي زعم أنه وضعه على يديه. قال ابن القاسم: إن كان الذي زعم أنه وضعه على يديه عدلا، فلا ضمان عليه، ويرجع بجميع حقه على الراهن.
قال محمد بن رشد: مثل هذا حكى ابن حبيب في هذه المسألة بعينها عن ابن القاسم، من رواية أصبغ عنه. وحكى عن أصبغ أنه قال: أراه ضامنا، وإن أقر له الأمين، ولا يبرأ إلا ببينة على دفع ذلك إليه، وإياه اختار ابن حبيب. وقول ابن القاسم عندي أظهر؛ لأنه لما رهنه عنده بشرط أن يجعله عند غيره، لم يحصل في ضمانه، لكونه كالرسول به، فوجب أن يصدق في دفعه إليه إذا أقر بقبضه، وادعى تلفه على أحد قولي ابن القاسم في المودع يؤمر بإيداع الوديعة عند غيره، فيزعم أنه أودعها وتلفت عند المودع، ويقر بذلك المودع، وهو مذهبه في المدونة خلاف ما في كتاب ابن المواز وقوله: إن كان الذي زعم أنه وضعه على يديه عدلا، فلا ضمان عليه صحيح؛ لأنه إنما أذن له أن يدفعه إلى عدل، فإن وضعه على يدي غير عدل لزمه الضمان، وإن قامت البينة على تلفه عنده، فإن ادعى أنه لم يعلم أنه غير عدل، وأنه إنما دفعه إليه وهو يظنه عدلا، صدق في ذلك، إلا أن يكون معلنا بالفسق، مشهورا به عند الناس، وهو قول ابن القاسم في الدمياطية سئل عن رجل قال لرجل ادفع هذه الدنانير إلى ثقة يدفعها إلى أهلي، فدفعها الرجل إلى رجل عنده ثقة فيما يرى، فتلفت، قال: إن قال: إنه كان عند ثقة، لم أر عليه شيئا، ولا ضمان على الموضع على يديه بحال، كان عدلا أو غير عدل وسواء سمى له العدل الذي شرط عليه أن يضعه على يديه، أو لم يسمه له فيما يجب من تصديقه في دفعه إليه، وقد قال ابن دحون: إنه إن سماه له لم يصدق في