قلت: فإن شهد لها شاهد واحد على البتات، فقطع الشهادة أن زوجها كان يضربها ويضيق عليها، أتحلف معه؟ قال: وكيف يعرف ذلك؟
قلت: يقول سمعته واستبان عندي، قال: إن كان هذا يكون فعسى، وانظر فيه، قال أصبغ: وهو عندي جائز إن لم يكن معه غيره، فكان معه سماعا قاطعا، وإلا حلفت معه، وإن كان معه سماع منتشر، وإن كان غير قاطع رد عليها العطية والوضيعة؛ لأنه مال تحلف عليه مع شاهدها ويمضي الفراق، قال أصبغ: ثم سألته بعد ذلك، فقال: نعم تحلف مع شاهدها، ويرد عليها، وهو مثل الحقوق، وأنا أرى ذلك؛ لأنها إنما تحلف على مال، والطلاق قد مضى بغير ذلك.
قال الإمام القاضي: إجازة ابن القاسم في هذه الرواية شهادة السماع في ضرر الزوج بزوجته دون يمين خلاف أصله في المدونة في أن شهادة السماع، لا يثبت بها النسب ولا الولاء، وإنما يستحق بها المال مع اليمين، واختياره ألا يكتفى في ذلك بشهادة الشاهدين، إنما هو مراعاة لما ذهب إليه ابن الماجشون من أنه لا تجوز في شهادة السماع أقل من أربعة شهداء، وقد مضى تحصيل الخلاف فيما تجوز فيه شهادة السماع مما لا تجوز في صدر نوازل سحنون.
وأما الشهادة في ذلك على البت من جهة السماع، فلا اختلاف في إجازتها، فإن لم يشهد بذلك إلا شاهد واحد حلفت معه، واستردت مالها على ما قاله في آخر المسألة، ولا وجه لتمريضه ذلك في أول المسألة بقوله: فعسى، وانظر فيه، وقول أصبغ: إنه إن لم يكن مع الشاهد على البت غيره حلفت معه، وإن كان معه سماع قاطع أو منتشر غير قاطع ردت عليها العطية والوضيعة، يدل على أنه أنزل السماع منزلة شاهد آخر على البت، فلو انفردت على مذهبه شهادة السماع لم يستحق بها المال دون يمين، فقوله على قياس قول ابن القاسم، وروايته عن مالك