يستتاب، فمن استسر دينا، فإن ورثتهم من المسلمين يرثونهم وتجوز وصاياهم وعتقهم.
قال محمد بن رشد: لا اختلاف في المذهب في أن ميراث المرتد لجماعة المسلمين مات في ردته، أو قتل عليها بعد الاستتابة، أو دون أن يستتاب على مذهب من لا يرى الاستتابة، وفي كتاب ابن سحنون، وقال أهل العراق: إذا قتل المرتد دفع ماله إلى ورثته من المسلمين، وذكر ذلك عن علي بن أبي طالب، والحسن، وابن المسيب، وقد ثبت في الحديث عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لا يرث المسلم الكافر» ولا يتوارث أهل ملتين شيئا، وإن عليا لم يرث أبا طالب، وإنما ورثه عقيل وطالب، وأما حجتهم بابن المسيب، فقد روى عنه أهل العراق وأهل الحجاز أنه قال: نرث المشركين ولا يرثونا، وهذا خلاف ثم ناقضوا، فقالوا: إن مات له ولد في حال ارتداده لم يرث منه، ولا فرق بين ذلك، هذا نص ما وقع في كتاب ابن سحنون، فأما قوله: إذ لا حجة لهم في قول ابن المسيب فصحيح؛ لأن مذهبه على ما حكاه عنه أن المسلم يرث الكافر، وهم لا يقولون بذلك فقوله صحيح على أصله؛ لأنه إذا كان يرث عنده الكافر الذي يقر على كفره، فأحرى أن يرث المرتد الذي لا يقر على كفره، وأما ما ألزمهم من التناقض فلا يلزمهم؛ لأنهم لم يجهلوا ماله إذا قتل على ردته لورثته من أجل أنهم حكموا له بحكم الإسلام، فيلزمهم ما ألزمهم من أن يكون له ميراث ابنه، وإنما جعلوا ميراثه لورثته من المسلمين من أجل أنه على دين لم يقر عليه؛ لأنهم لم يحملوا قول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لا يرث المسلم الكافر؛» على عمومه في المرتد وغيره، بل رأوه مخصصا في الكافر الذي يقر على كفره.
ففي المسألة ثلاثة أقوال؛ أحدها: قول مالك والشافعي أنه لا يرث المسلم الذمي ولا المرتد على عموم قول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لا يرث المسلم الكافر» . والثاني: أنه يرث المسلم الذمي والمرتد، وهو قول سعيد بن المسيب، ومعاذ بن جبل، ومعاوية بن أبي سفيان، روي ذلك عن عمر بن الخطاب أنه