يكن يرضي أن يراطله بتبره الجيدة إلى تبره التي هي دونها في الجودة لولا صياغتها أو سكتها؛ لأن الصياغة والسكة في المراطلة ملغاة. ورد ابن حبيب مسألة المبادلة في الطعامين بالطعام إلى مسألة المراطلة، فأجاز ذلك إذا كان الفضل من جهة واحدة، خلاف ما ذهب إليه سحنون من رده مسألة المراطلة في ذلك إلى مسألة المبادلة، وكان الشيوخ يختلفون في مراطلة الذهب الخالص بالذهب التي ليست بخالصة، كالمراطلة بالعبادية والعبادية بالنصفية ونحو ذلك، فمنهم من كان يجيز ذلك قياسا على قول أشهب في إجازته مبايعة الدراهم الستوق الزيوف بالدراهم الجياد وزنا بوزن، ومنهم من كان لا يجيز ذلك لما فيه من التفاضل بين الذهبين، ويقول: إنما معنى قول أشهب في اليسير من الدراهم قياسا على ما أجازوا من بذل الوازن بالناقص في العدد اليسير من الدنانير على وجه المعروف، وهو الصحيح من الأقوال والله أعلم.
وقد كان شيخنا أبو جعفر بن رزق - رَحِمَهُ اللَّهُ - يقول: لا تجوز مراطلة الذهب العبادية بالذهب العبادية، ولا النصفية بالنصفية؛ لأنها ذهب وفضة بذهب وفضة، أو ذهب ونحاس بذهب ونحاس. وذلك إغراق لا أقول به، بل أرى ذلك جائزا؛ لأن الفضة التي مع هذه كالفضة التي مع هذه، والنحاس التي مع هذه، كالنحاس التي مع هذه، فلا يُتْقَى في هذا ما يُتْقَى من ذهب وفضة منفصلين بذهب وفضة منفصلين؛ لأنه لم يكن يراطله الذهب بالذهب، لولا ما أضاف إليها من الفضة.