ابنه لأن قوله: فقد وصلته بابني، يرجع إلى معنى الوصية بتزويجها منه إن فعل ذلك، وذلك بين من قول ابن القاسم: ولو قام بالذي أوصى عمه لرأيت أن يزوج ويكون عليه الصداق، وظاهر ما حكي عن بعض الناس أن وصية الرجل بتزويج ابنته لا يجوز، سمى الزوج أو فوض إلي الموصى إليه الاجتهاد في ذلك، خلاف المشهور من مذهب مالك في الوجهين، وقد مضى في رسم شك في طوافه من رواية علي بن زياد عن مالك ما يدل على الفرق بين الوجهين، فهو قول ثالث في المسألة، وقد اختلف إذا قال الرجل في حياله إن فعل فلان كذا فقد زوجته ابنتي فقال مالك في رسم سن بعد هذا في الذي يقول إن جاءني فلان بخمسين دينارا فقد زوجته ابنتي: لا يعجبني هذا النكاح ولا تزويج له، ظاهره وإن جاء بالخمسين بالقرب، فعلى هذا إذا زوج الغائب القريب الغيبة لم يجز نكاحه وإن رضي بالقرب، ولأشهب في كتاب ابن المواز في الذي يقول للخاطب: إن فارقت امرأتك فقد زوجتك، أن النكاح يجوز، فجعله ينعقد بنفس الفراق، قال: ولو قال: إن فارقت امرأتك زوجتك، كانت خدعة، ولم يلزمه تزويجه، وأحب إلي أن يفي، قال أبو إسحاق التونسي: وإذا لم ير النكاح منعقدا بنفس الفراق فقد كان القياس أن يجبره على أن يزوجه على أصولهم فيمن أخرج عن يده شيئا بوعد وعد به، وإن لم يوجبه الواعد على نفسه، أن ذلك لازم له، بخلاف الوعد المجرد مثل أن يقول: بع فلانا فرسك والثمن علي، أو اهدم دارك وأنا أعطيك كذا وكذا، إن هذا لازم، وما أشبه ذلك، وهذا إن عد طلاقه للمرأة رضى بالعقد وأنهما لا يحتاجان إلى تجديد عقد، وإن لم يعد طلاقه للمرأة رضى بالعقد صار نكاحه فيه خيارا لأحدهما، فوجه ما في رسم سن أنه لم يعد مجيئه بالخمسين دينارا رضى بالعقد، فرآه نكاحا انعقد على خيار أحدهما، فهذا توجيه كل واحد من القولين، وهذا الاختلاف إنما يصح عنه إذا أراد: إن فعلت ذلك بالقرب، ولو قال: متى ما فارقت امرأتك فقد زوجتك، أو: متى ما أتيتني بخمسين دينارا فقد زوجتك، لم يجز النكاح قولا واحدا، والله أعلم، ويأتي في رسم الصبرة من سماع يحيى القول في الذي يقول: إن مت من مرضي فقد زوجت ابنتي من ابن أخي، إن شاء الله.