وقد ماتت، أترى أن يرثها؟ قال: لا، هو حي، قيل له: أفرأيت إن مات هو، أترى أن ترثه؟ قال: ليس هي مثله، قال: نعم، ترثه. قاله سحنون: معناه إن الشهود كانوا قياما معه فلم يقوموا عليه حتى مات.
قال محمد بن رشد: قول سحنون: معناه إن الشهود كانوا قياما معه فلم يقوموا عليه حتى مات، ليس بصحيح، إذ لو كانوا قياما معه فلم يقوموا عليه حتى مات، لوجب أن يرث كل واحد منهما صاحبه؛ لأن شهادتهم كانت تبطل بترك قيامهم لها، وإنما وهم سحنون، في تفسير قول مالك: والله أعلم، لما وقع في كتاب الأيمان بالطلاق من المدونة من قول يحيى بن سعيد، في شهود شهدوا على رجل بعد موته، أنه طلق امرأته، لا تجوز شهادتهم إذا كانوا حضورا. ولامرأته الميراث، وكذلك لو كان يقول يحيى بن سعيد أيضا: لو ماتت هي، إن له الميراث، من أجل سقوط شهادة الشهود لحضورهم، فليس معنى مسألة مالك، إلا أن الشهود كانوا غيبا.
وكذلك وقع له في رسم حمل صبيا من سماع عيسى من كتاب الأيمان بالطلاق، أن الشهود كانوا غيبا لا يتهمون، فمالك أحق بتبيين ما أراد، ووجه تفرقته بين ميراثها منه وميراثه منها هو أنه إذا كان هو الميت، فلم يعذر إليه في شهادة الشهود، ولعله لو أعذر إليه فيهم لأبطل شهادتهم، فرأى لها الميراث، من أجل أن الشهادة لا يجب الحكم بها إلا بعد الإعذار إلى المشهود عليه، وإن كانت هي الميتة، أمكن أن يعذر إليه، فإن عجز عن المدفع وجب الحكم بالطلاق يوم وقع، فلم يكن له ميراث منها.
وقال محمد بن المواز: إنما ورثته ولم يرثها لأنه كالمطلق في المرض؛ لأن الطلاق وقع يوم الحكم، ولو لم يقع يوم الحكم لكان فيه الحد. قال أبو إسحاق: وهو كلام فيه نظر؛ لأن الحاكم إنما ينظر شهادة البينة وهي تقول: إن الطلاق وقع قبل الموت، وأما درء الحد بالشبهة إما لنسيانه، وإما لإمكان أن يكون صادقا في إنكار الشهادة، ولو كان الطلاق وقع بعد الموت لورثها هو أيضا. والقياس أنها لا ترثه، كما لا يرثها؛ لأن الإعذار