في كتابه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ}[البقرة: ١٧٨] فعم ولم يخص مسلما من كافر، والمعنى في قوله كتب عليكم القصاص أن كتب عليكم الحكم به، فوجب أن يحمل على عمومه في الكافر والمسلم، وقال عز وجل:{وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا}[الإسراء: ٣٣] والولي المختص بالرجل هو العاصب والذي له الميراث والعبد لا عاصب له يرثه؛ لأن ميراثه لسيده الذي يملك رقبته وهو ماله، وقيل إن ذلك له، وهو الأظهر من جهة المعنى، وذلك أن القصاص إنما يكون في الموضع الذي تتكافأ فيه الدماء بالحرية والإسلام أو يكون دم المقتول أعظم حرمة من دم القاتل بحرية أو إسلام؛ لأنه إذا كان المسلم يقتل بالمسلم لتكافئ دمائهما بالحرية فالنصراني أحق أن يقتل به لنقصان مرتبته عن مرتبة المسلم، وإذا كان الحر يقتل بالحر لتكافئ دمائهما بالحرية، فالعبد أحرى أن يقتل به لنقصان مرتبته عن مرتبة الحر، فإذا قتل النصراني الحر العبد المسلم فللنصراني مزية على العبد بالحرية، وللعبد عليه مزية بالإسلام، وحرمة الإسلام أعظم من حرمة الحرية، فوجب أن يقتل به ويجعل الآية في قَوْله تَعَالَى:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ}[البقرة: ١٧٨] مخصوصة على المسلمين المخاطبين بها، بدليل قوله فيها:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ}[البقرة: ١٧٨] .
وقوله: في آخر الآية الأخرى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا}[الإسراء: ٣٣] يحتمل أن يدخل فيه السيد؛ لأنه أحق بعيده، وهو يرثه فيكون له بمنزلة العاصب للحر، وهذا القول أظهر وهو قول ابن القاسم أيضا بعد هذا في هذا الرسم، وقول أشهب في سماع عبد الملك والله أعلم.