وقال ابن القاسم: هي بينة. قال أبو حمزة: وكذلك قال المخزومي.
قال محمد بن رشد: هذا مثل ما في آخر كتاب المديان من المدونة، ومثل ما في رسم المكاتب من سماع يحيى أن الذي أقر بالاقتضاء لا يصدق فيما ادعاه من أنه اقتضى ذلك من حق واجب له إن كان إقراره على وجه الشكر، قال ذلك في هذه الرواية من قوله في كتاب الشهادات من المدونة.
وفي سماع سحنون بعد هذا من هذا الكتاب أن من أقر للرجل أنه أسلفه فقضاه - يصدق في دعوى القضاء إذا كان إقراره بالسلف على وجه الشكر.
والفرق عندي بين أن يقر الرجل للرجل أنه أسلفه على وجه الشكر فقضاه فينكر المقر له الاقتضاء، وبين أن يقر أنه اقتضى منه حقا له قبله على وجه الشكر له في أنه أحسن قضاءه فينكر أن يكون كان له عليه حق ويطلبه بما أقر أنه اقتضاه منه - هو أن السلف معروف آتاه الله وفضل تفضل به عليه يلزمه [شكره لقول الله عز وجل:{اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ}[لقمان: ١٤] ، ولقوله:{وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}[البقرة: ٢٣٧] ، ولقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من آلت إليه يد فليشكرها» الحديث، فحمل عليه أنه إنما قصد إلى أداء ما تعين عليه من الشكر، لا إلى الإقرار على نفسه بوجوب السلف عليه، إذ قد قضاه إياه على ما ذكر، وحسن القضاء واجب على من عليه أن يفعله، فلم يجب على المقتضي أن ينكره، فلما لم يجب ذلك عليه وجب ألا يكون له تأثير في الدعوى وأن يكون القول قول القاضي؛ لأن المقتضي قد أقر بالقبض ويدعى أنه كان له عليه حقا فلا يصدق في ذلك على مذهب ابن القاسم، ويأتي على أصل أشهب في قوله: إنه لا يؤخذ أحد