قولها ولم يلزمها النكاح إن زعمت بعد ذلك أنها ابنته؟ قال: لا يلتفت إلى قولها. وقول أبيها هو الذي يلزمها على ما أحبت أو كرهت في نكاحها وميراثها، ولحوق نسبها، وجميع أمورها.
قال محمد بن رشد: سحنون في النوادر فيمن أقام بينة على رجل أنه زوجه ابنته فلانة، لا يعلمون أن له ابنة غيرها، وهي بكر، فأنكرت الابنة، إن النكاح لا يلزمها، إلا أن تعرف البينة التي شهدت على النكاح عينها أو غيرهم فيلزمها، وقوله: حقيقة القياس؛ لأن النبي عليه السلام يقول:«البينة على المدعي واليمين على من أنكر» . والزوج مدعٍ على هذه الجارية أنها ابنة الرجل الذي زوجها، والجارية منكرة لذلك، فوجب أن يكون على الزوج إقامة البينة على ما يدعي. وهذا إذا مات الأب أو غاب؛ لأنه إن كان حاضرا فالقول قوله إنها ابنته؛ لأن استلحاقه لها جائز، ما لم يتبين كذبه. والصواب قول ابن القاسم، وإن لم يكن على حقيقة القياس، إذ قد يؤدي طرد القياس إلى غلو في الحكم، ويكون الاستحسان أولى منه. وقد كان ابن القاسم يقول: ويروى عن مالك أنه قال: تسعة أعشار العلم الاستحسان. فإذا أقر الرجل أن له ابنة بكرا وفشا ذلك من قوله وزوجها ومات وهي في حجابه، فلما طلبها الزوج بالنكاح أنكرت، وقالت: لست ابنة له، وإنما أنا يتيمة في حجره، ولم يكن في حجره غيرها، فيشك فيها، ولا سمع أن ابنته التي تزوجها، وكان يقر بها سمع أنها ماتت ولا غابت، وجب أن تحمل على أنها هي ابنته التي زوجها، وكان يقر بها، فيلزم النكاح ويحكم عليها به؛ لأن الظن يغلب على صحة ذلك حتى يكاد أن يقطع عليه. والحكم بما يغلب عليه الظن فيما طريقه غلبة الظن أصل في الشرع. وقد روي عن القاضي أبي