عَجَزَ عنه صاحبه أو لم يعجز، خلاف المقاثي والزرع، وهو بعيد إذ لا فرق في حقيقة القياس بين القطن والزرع والمقاثي وقصب السكر في جواز المساقاة فيها من غير عجز؛ لأن أصولها غير ثابتة بخلاف الياسمين والورد الذي أصولها ثابتة فلا ينبغي أن يختلف في أن المساقاة في الياسمين والورد جائزة على مذهب مالك وإن لم يعجز صاحبها عن عملها، ولو قال قائل أن المساقاة في المقاثي والقطن وما كان في معناها جائزة وإن لم يعجز صاحبها عن عملها بخلاف الزرع وقصب السكر وما كان في معناهما لكان له وجه؛ لأن هذه ثمار تجنى من أصولها فأشبهت ثمار الأصول الثابتة، والزرعُ وقصب السكر وما أشبهها لا تجنى من أصولها إِلا بقطع الأصول، ففارقت ثمر الأصول في المساقاة في الزرع على مذهب ابن القاسم لا تجوز إِلا بثلاثة شروط أحدهما أن يعجز صاحبها عن عمله، والثاني أن ينبت وقبل أن يستقل بعد نباته، والثالث ألا يبلغ مبلغا يحل بيعه. وكذلك قصب السكر بهذه المنزلة تجوز مساقاته بعد أن ينبت قبل أن يحل بيعه إذا عجز عن عمله، واختلف إن كان له خلفة هل يجوز أن يشترطها في المساقاة، والاختلاف في هذا جار على الاختلاف في جواز اشتراطها في البيع.
وكذلك البقل تجوز فيه المساقاة إذا نبت وعجز صاحبه عن عمله قبل أن يحل بيعه، قال ذلك عبد الرحمن بن دينار في المدنية، وقال ابن القاسم فيها لا تجوز المساقاة في البقل وكل شيء يجد ثم يخلف مثل البقل، ولو كان ذلك مثل الزرع الذي لا يكون في السنة إلا مرة واحدة لم يكن به بأس، وظاهر قول ابن دينار أن المساقاة في البقل قبل أن يحل بيعه إذا عجز عن عمله جائزة، وإن اشترط خَلَفَه، وظاهر قول ابن القاسم أن ذلك جائز إذا لم يشترط الخلفة فحصل الاختلاف بينهما في جواز اشتراط الخلفة في المساقاة وذلك على الاختلاف في جواز اشتراطها في البيع، ويحتمل أن يقال أن الاختلاف أيضا في مساقاة البقل، وإن لم يشترط خلفته ويكون ذلك جاريا على الاختلاف الذي ذكرناه في الزرع هل تجوز فيه المساقاة إذا نبت قبل أن يستقل أو لا يجوز وإن