مالك: وإن لم يكن دخل بها نوي فإن لم تكن له نية فهي البتة.
قال محمد بن رشد: مثل هذا في المدونة أنه لا ينوى في هل أراد الطلاق أو لم يرده ولا في عدد الطلاق إلا إن كان لم يدخل بها. وقد وقع في بعض روايات العتبية من رواية أشهب عن مالك مثل هذا، زاد ولو ثبت عندي أن عمر بن الخطاب قال ذلك ما خالفته، ولكنه حديث جاء هكذا. وإنما قال فيه هذا لأنه عنده بلاغ مالك أنه بلغه أنه كتب إلى عمر بن الخطاب من العراق أن رجلا قال لامرأته حبلك على غاربك فكتب عمر بن الخطاب إلى عامله أن مره يوافني في الموسم فبينا عمر يطوف بالبيت إذ لقيه الرجل فسلم عليه فقال له عمر من أنت؟ فقال الرجل أنا الذي أمرت أن أجلب عليك، فقال له عمر أسألك برب هذه البنية ما أردت بقولك حبلك على غاربك؟ فقال الرجل لو استحلفتني في غير هذا المكان ما صدقتك، أردت بذلك الفراق، فقال عمر بن الخطاب هو ما أردت. والظاهر من حديث عمر أنه نواه في الوجهين جميعا، لأنه لما قال أردت بذلك الفراق، قال له هو ما أردت. وليس بنص في واحد من الوجهين، إذ لا يدرى ما كان يقول له لو قال له لم أرد بذلك الفراق وإنما أردت بذلك وجه كذا وكذا لشيء يذكره مما يحتمله كلامه، وماذا كان يقول له لو قال أردت بذلك واحدة أو اثنتين لاحتمال أن يكون فهم من قوله أردت بذلك الفراق أنه أراد بذلك الفراق بتاتا ولذلك قال له: هو ما أردت.
فأما تنويته في هل أراد بذلك الطلاق أم لا فالذي يأتي على مذهب مالك وأصحابه أنه لا ينوى في ذلك لأنه من صريح كنايات الطلاق، كمن قال لامرأته: أنت بائنة مني ثم قال: إنما أردت أن بيني وبينها فرجة في الجلوس في ذلك الوقت، وكمن قال لها: أنت طالق ثم قال: إنما أردت أنها طالق من وثاق