في الواضحة، أن شهادته تجوز له ولغيره، وقد قيل: إن شهادته تجوز لغيره ولا تجوز لنفسه، فإن كان وحده حلف الموصي لهم مع شهادته، واستحقوا وصاياهم ولم يكن له هو شيء، وإن كان معه غيره ممن أوصى له فيها أيضا بيسير تثبت الوصية بشهادتهما لمن سواهما، فأخذوا وصاياهم بغير يمين، وحلف كل واحد منهم مع شهادة صاحبه فاستحق وصيته، وإن كان معه من لم يوص له فيها بشيء تثبت الوصية بشهادتهما لمن سواه وحلف هو مع شهادة صاحبه واستحق وصيته، وهو قول ابن الماجشون في الواضحة، وقيل أيضا: إن شهادته تجوز له ولغيره إن كان معه شاهد غيره، ولا تجوز له، وتجوز لغيره إن لم يكن معه شاهد غيره، فإن كان معه شاهد غيره ثبتت الوصية بشهادتهما، وأخذ هو ماله فيها بغير يمين، فإن لم يكن معه شاهد غيره حلف غيره مع شهادته واستحق وصيته ولم يكن له هو شيء، وهو قول يحيى بن سعيد في المدنية.
وفي المسألة قول رابع: إن شهادته لا تجوز لنفسه ولا لغيره لأنه يتهم في اليسير كما يتهم في غير الوصية، وهي رواية ابن وهب عن مالك في المدونة، وهذا كله إذا كانت الشهادة على وصية مكتوبة في كتاب، وللشاهد فيها وصية، وأما إن كان الموصي أشهد على وصية لفظا بغير كتاب، فقال: لفلان كذا ولفلان كذا، ولفلان كذا، والشاهد أحدهم، فإن كان الذي شهد به لنفسه يسيرا لم تجز شهادته لنفسه وجازت لغيره، وقد يقال: إنه لا تجوز شهادته لنفسه ولا لغيره بتأويل ضعيف، وأما إذا كان الذي شهد به لنفسه كثيرا فلا تجوز شهادته لنفسه باتفاق، ولا لغيره على رواية أشهب هذه؛ لأنه قال فيها: إن الذي أوصى له بالستين لا تجوز شهادته في وصية بعدما أحدثها الميت، وهو قول ابن المواز: إنها لا تجوز في الثانية، إلا أن يشهد أنه نسخ الأولى، وتجوز لغيره على قول مطرف وابن الماجشون في الواضحة.
وإذا جازت عندهما لغيره والوصية في مجلس واحد فأحرى أن تجوز لغيره في وصية أحدثها الميت بعد ذلك، وهو قول سحنون إن الشهادة إنما سقطت في الأولى بالظنة، فلا ينبغي أن تسقط في الثانية، خلاف رواية أشهب هذه، وبالله التوفيق.