للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بال، وإن كان الشيء التافه اليسير فإنها جائزة، قيل له: فإن الذي أوصى له بالستين دينارا شهد في وصيته بعدما أحدثها الميت وأوصى فيها لناس ولم يوص فيها للشهداء بشيء، وقد أوصى لهم في الأولى، قال: ولا تجوز شهادتهما في الآخرة إذا كان قد أوصى لهم في الأولى، قيل له: إنه ليس لهما في الوصية الآخرة شيء، إنما وصيتهما في الأولى، فقال: لا تجوز شهادتهما في الآخرة كما لم تجز في الأولى، قيل له: إنه ليس لهما في الآخرة شيء، فقال: لكن في الأولى، فهو يقول أنا أشهد في أخرى، ثم في أخرى، قيل له: فإن الذي أوصى له بالثوبين معه شاهد عدل على تلك الوصية، فقال: إن كان الثوبان يسيري الثمن لا بال لهما، وكان الشاهد الذي معه عدلا فأرى الشهادة جائزة.

قال محمد بن رشد: قوله إن الذي أوصى له بالستين لا تجوز شهادته، وكذلك الذي أوصى له بالثوبين إن كانت قيمتهما مرتفعة يريد أنه لا تجوز شهادته لنفسه ولا لغيره، وهو المشهور من الأقوال، ويأتي على قياس قول أصبغ في نوازله في العبدين يشهدان بعد عتقهما أن الذي أعتقهما غصبهما من رجل مع مائة دينار، إن شهادتهما تجوز في المائة، ولا تجوز في غصب رقابهما؛ لأنهما يتهمان أن يريدا إرقاق أنفسهما أن تجوز شهادة الموصى له بالستين لغيره، ولا تجوز لنفسه.

وقوله: وإن كان الشيء التافه اليسير فإنها جائزة، يريد أن الوصية تثبت بشهادتهما ويأخذ هو ماله بغير يمين، فإن لم يكن على الوصية شاهد غيره حلف الموصى لهم مع شهادته أن ما شهد به من الوصية حق، فتثبت الوصية بشهادته مع أيمانهم، ويأخذ هو ماله فيها؛ لأنه يسير في حيز التبع لجملة الوصية، هذا معنى قوله، وهو مذهب ابن القاسم في المدونة، ورواية مطرف عن مالك

<<  <  ج: ص:  >  >>