عطب فيما يعطب في مثله من الأعمال، وإن لم يكن عملا مخوفا هو أنه أخطأ على سيده في استعماله فيما لم يأذن فيه من الأعمال، وأموال الناس تضمن بالعمد والخطأ، وفارق ذلك من استأجر عبدا من غاصب أو اشتراه منه فتلف في عمله، أن السيد ليس له على من يرجع إذا أجر العبد نفسه؛ إذ لا يضمن العبد لسيده، وله في الغصب على من يرجع على الغاصب، وكان يلزم على قياس هذا أن يضمن، ولو كان العمل لا يعطب في مثله؛ لأنه وضع عليه يده خطأ في موضع ليس فيه من يضمن لسيده، فوجب أن يضمن؛ لأن من تعدى أو أخطأ يضمن بمجرد النقل دون الاستعمال، إلا أن يقال: إن هذا القدر من النقل، يمكن أن يتصرف فيه العبد لو لم يواجر، فصار المستأجر له كأنه ما نقله من موضع إلى موضع، وإنما استعمله في موضعه، فوجب ألا يضمن إلا أن يكون عملا يعطب في مثله، وسواء على مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك في المدونة استأجره أو استعمله، لا يضمن إلا أن يكون العمل يعطب في مثله خلاف قول ربيعة فيها: إنه يضمن إذا استعانه في أمر تنبغي فيه الإجارة، وإن كان قد أذن له في الإجارة، وهو أظهر؛ لأنه وإن كان قد أذن له في الإجارة، فلم يؤذن له في هبة منافعه، وقد اختلف فيمن استأجر عبدا، وهو يظنه حرا، ودفع إليه إجارته فاستحقه سيده، وقد أتلف الإجارة، فحكى عبد الحق عن بعض شيوخه القرويين أنه لا رجوع له بالإجارة على المستأجر، إذا كان العبد ظاهر الحرية؛ لأنه لم يتعد في الدفع إليه، وقال ذلك غيره إذا طالت إقامة العبد بالبلد، واستفاضت حريته، قال: وإن لم تطل إقامته، فليغرم المستأجر الأجرة ثانية، وخالف ذلك غيره، وقال: إنه يغرم الأجرة ثانية على كل حال؛ لأن العبد بائع لسلعة مولاه وهي خدمته، وهو غير ما دون له بذلك، فلا يبرأ من دفع إليه؛ لأنه دفع لغير مستحق.
قال محمد بن رشد: يريد إذا كانت الأجرة مساوية لقيمة العمل.