الشيء المجعول فيه باتفاق، فوجب ألا تعود الإجارة بشرط الخيار فيها جعلا، وأن تبقى إجارة على حالها. وإذا بقيت إجارة، وكانت فاسدة، فلا يصلحها الخيار. وقد كان من أدركنا من الشيوخ، ومن لم ندرك منهم فيما بلغنا عنهم، يحملون هذه المسألة على أن قول ابن القاسم فيها خلاف قوله في المدونة في الذي يقول للرجل: بع لي هذا الثوب اليوم، ولك درهم: إن ذلك جائز إذا اشترط أن يترك متى شاء، وليس ذلك بصحيح من قولهم؛ لأن استئجار الرجل الرجلَ يوما بدرهم على أن يبيع له فيه ثوبا جائز؛ لأن الأجر فيه معلوم، فإذا جازت الإجارة في ذلك جاز اشتراط الخيار فيها، بأن يترك متى شاء، ويكون له من الدراهم بحساب ما مضى من اليوم، إذا لم ينقد، وقد نص على جواز هذا في أول كتاب الجعل والإجارة من المدونة.
وأما المسألة التي نظرها بهذه، وهي أن يقول له: تقاض لي مالي الذي لي على فلان إلى شهر ولك نصفه، فما تقاضيت فبحسابه، فلا يجوز فيها مع تسمية الأجل إجارة ولا جعل، أو قال: إن قبضت لي في هذا الشهر شيئا من ديني الذي لي على فلان، فلك نصفه لم يجز؛ لأنه قد يتقاضاه ويشفي عليه، فينقضي الأجل قبل أن يقبض، فيذهب عناؤه باطلا، فيجوز أن يستأجر الرجل الرجلَ على حصاد زرعه بنصفه، وأن يشترط أن يتركه متى شاء، ويكون له نصف ما حصد، ولا يجوز أن يستأجره على حصاد يوم بنصف ما يحصد فيه، وإن اشترط أن يترك متى شاء، ويكون له نصف ما حصد.
ولا يجوز له أن يجاعله على حصاد زرعه بنصفه إلا أن يشترط أن يكون له إن ترك نصف ما حصد، وكذلك لا يجوز أن يجاعله على حصاد يوم بنصف ما يحصد فيه، إلا أن يشترط أن يكون له إن ترك نصف ما حصد، والمواجرة والمجاعلة على بيع الثوب بدرهم خلاف ذلك، لا يجوز أن يواجره على بيع الثوب بدرهم إلا أن يضرب لذلك أجلا، والمجاعلة عكس ذلك، لا يجوز أن يجاعله بدرهم على بيع الثوب إذا لم يضرب لذلك أجلا، فحمل ابن القاسم قول الرجل: بع لي هذا الثوب، ولك درهم على الجعل، فأجازه إذا لم يضرب أجلا، ولم يجزه إذا ضرب أجلا إلا أن