للمبتاع، فقد جهل البائع ما باع، وإذا كان للبائع قد جهل المبتاع ما ابتاع، وإنما جوز اختيار البيع إذا اتفق الصنف والثمن بالتسهيل؛ لأنه من بياعات الناس، وليس يحتمل النظر مثل الذي يبيع ثمر حائطه، ويستثني منه كيلا دون الثلث، وهو إنما باع منه ما بعد الكيل وهو مجهول، والحد الذي يجوز للبائع أن يستثنيه من غنمه على الخيار الثلث فأقل، فإن كان أكثر من الثلث لم يجز عند ابن القاسم، وأجازه سحنون؛ يريد والله أعلم ما لم يكن الجل أكثر من النصف، فقد رأيت له أنه أجاز أن يبيع الرجل أحد عبديه أيهما شاء على أن ذلك لازم للمشتري؛ وأن يتزوج المرأة على ذلك، خلاف ما في النكاح الأول من المدونة.
وأجاز للذي اشترى عشرة من الغنم على أن يختارها أن يشتري قبل أن يختارها عشرة أخرى على الخيار أيضا، ولم يجز ذلك لغيره، والفرق بينه وبين غيره، أنه قد علم ما يختار؛ فلم يدخل في العشرة الثانية على جهل، وغيره لا يعلم ما يختار، هو فدخل على جهل، وكذلك يجوز له أن يشتري بقيتها قبل أن يختار العشرة، ولا يجوز ذلك لغيره، وأجاز ذلك محمد بن المواز لغيره في الوجهين، ووجهه أن العشرة التي اشتراها الأول على أن يختارها كأنها معلومة عند الثاني؛ إذ قد علم أنه لا يختار إلا خيارها، وخيارها لا يخفى على أهل المعرفة بها؛ فكأن البائع أبقى تلك العشرة لنفسه، وباع منه الباقي أو عشرة على أن يختارها، فعلى هذا يجوز للأول أن يبيع العشرة قبل أن يختارها من غيره، فيختارها المشتري الثاني لنفسه، خلاف ما يأتي في سماع سحنون لأشهب، وإذا اشترى عشرة من الغنم على أن يختارها، كان من حقه أن يختارها هو، فإن أراد أن يأتي بمن يختارها له كان ذلك له؛ هذا هو الذي يوجبه النظر، ويأتي على قول أشهب ما في سماع سحنون: أن ذلك ليس له؛ إذ لم يجز له بيعه من غيره على أن يأخذ ما يختار هو، ولا