مسمى من جملة، كان أقل الجملة أو أكثرها، جائز إذا كان قد قبلها وأحاط علما بها، وعرف شرارها من خيارها، لم يختلف في جواز ذلك نصوص الروايات عن مالك وأصحابه، وإن جاز أن يدخل الخلاف في جواز ذلك بالمعنى، فقد قال ابن حبيب: إنه لا يجوز شراء ثوب يختاره من ثياب على أن أحدها لازم له، إلا أن تكون الثياب صنفا واحدا لا تتفاضل في الجودة، وأما مالك في المدونة، فجرى في الثياب على أصله في الغنم، وأجاز شراء العدد منها على الاختيار إذا كانت صنفا واحدا، وصفة واحدة وإن تفاضلت، وإنما لم يجز ذلك إذا اختلفت أصنافها، أو اختلفت رقومها وصفاتها، وأجاز ذلك ابن المواز وإن اختلفت رقومها وصفاتها، ما لم تتباين تباينا يجوز معه سلم أحدهما في الآخر، فيكون ذلك كالصنفين، وعلى مذهب عبد العزيز بن أبي سلمة في المدونة، يجوز ذلك في الصنفين، والشافعي وأبو حنيفة لا يجيزان على الشراء على الاختيار بحال، فهي خمسة أقوال.
وإنما لا يجوز أن يختار باتفاق فيما لا يجوز أن يحول أحدهما في الآخر، وأما شراء عشرة من الغنم ونحو ذلك مما هو يسير من الجملة، مثل أن يبيع جملة غنمه على أن يختار منها عددا مسمى مما هو جلها أو أكثرها فلا يجوز، لم تختلف نصوص الروايات في أن ذلك لا يجوز، وإن جاز أن يدخل الخلاف في ذلك بالمعنى، فقد قال ابن حبيب في الرجل يبيع البز المنصف، ويستثني منه ثيابا، أنه إن اشترط أن يختارها من رقم بعينه، فلا بأس به، وإن كان جل ذلك الرقم، قال: وإنما يكره ذلك في الكيل من الجزاف؛ وهو بعيد، وقد قال ابن عبدوس: إن هذا إذا حمل على النظر، بطل كله، ولم يجز منه شيء؛ إذ لا يجوز للبائع أن يجهل ما باع، ولا للمشتري أن يجهل ما اشترى؛ وإذا كان الخيار