{فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ}[البقرة: ١٩٦] ، وروي عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من رواية ابن عمر أنه قال في المتمتع إذا لم يجد هديا، ولم يصم أيام العشر، أنه يصوم أيام التشريق، فكان ذلك مخصصا لما جاء عنه من الأمر بفطرها، وقد اختلف فيمن يجب عليه صيامها في الحج على أربعة أقوال؛ أحدها: أن الذي يجب ذلك عليه المتمتع والقارن خاصة، وهو قول أصبغ قال: ولا يجب الصيام في الحج على غيرهما ممن أفسد الحج أو فاته الحج وشبههم، إلا استحسانا لا إيجابا. والثاني: أن الذي يجب ذلك عليه المتمتع والقارن والمفسد لحجه، والذي فاته الحج هؤلاء الأربعة لا غير، وهو قول ابن القاسم في العشرة. والثالث: أن ذلك يجب على هؤلاء الأربعة، وعلى كل من وجب عليه الهدي لشيء تركه من أمر الحج من يوم إحرامه به إلى يوم وقوفه بعرفة. والرابع: أن ذلك يجب على هؤلاء الأربعة، وعلى من ترك من الحج ما يوجب عليه الهدي كان ذلك قبل الوقوف بعرفة أو بعد الوقوف بها من ترك النزول بالمزدلفة، أو ترك رمي جمرة العقبة، أو جمرة من جمرات أيام منى، وهذان القولان الثالث والرابع قائمان من المدونة، وفائدة هذا الاختلاف هل لمن فاته الصيام من حين أحرم إلى يوم عرفة أن يصوم أيام التشريق أم لا؟ فمن أوجب عليه أن يصوم الثلاثة الأيام في الحج أوجب عليه أن يصومها في أيام التشريق، إذا لم يصمها قبل ذلك؛ لأنها من أيام الحج بعد، ومن لم يوجب عليه أن يصومها في الحج لم يجز له أن يصومها في أيام التشريق للنهي عن صيامها، كل على مذهبه، فإن وجب عليه الهدي على القول الرابع من ترك الرمي في اليوم الأول أو الثاني من أيام التشريق، فدم يجده صام بقية أيام التشريق، وأبو حنيفة لا يجيز صيام منى لمتمتع ولا غيره، قياسا على ما أجمعوا عليه في يوم النحر.