للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال محمد بن رشد: قول صفية محمول على أنها أخبرت بذلك عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لأن قول "الصاحب نهينا عن كذا وكذا وأمرنا بكذا مما يدخل في المسند، لأن صفية هذه إن لم تكن صفية بنت حيي زوج النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فهي صفية بنت أبي عمير الثقفية زوج عبد الله بن عمر، وهي صحابية روت عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وروى عنها نافع هذا مولى عبد الله بن عمر، ولا حجة في جواز ذلك بما في كتاب الله عز وجل من قوله: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} [مريم: ٢٦] ، أي صمتا، {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} [مريم: ٢٦] ، لأن ذلك كان من شرع بني إسرائيل، كان الرجل منهم إذا اجتهد صام من الكلام كما يصوم من الطعام إلا من ذكر الله، وذلك منسوخ في شرعنا ممنوع فعله فيه بنهي النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - روي عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من رواية ابن عباس أنه قال: «لا طلاق إلا بعد نكاح ولا عتق إلا من بعد ملك، ولا رضاع بعد الفطام، ولا يتم بعد احتلام، ولا نذر في معصية، ولا صمت إلى الليل، ولا وصال، ولا يمين للمرأة على زوجها ولا للولد على والده ولا للمملوك على سيده» الحديث وقع بكماله في المبسوطة.

وروي عن قتادة أنه قال: إنما كانت آية جعلها الله عز وجل لمريم - عَلَيْهَا السَّلَامُ - يومئذ. وإذا شئت رأيت امرأة سفيهة تقول: أصوم صوم مريم ولا نتكلم في صومها. وقد اختلف أهل التأويل في القائل لمريم {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} [مريم: ٢٦] ، فمنهم من قال قاله لها الملك عن الله عز وجل،

<<  <  ج: ص:  >  >>