فليس عليك شيء. فلما أدبرت قال مالك: لئن دخلت هذه الجنة ما ضرها سوادها شيئا، هذه في سوادها وحالها خائفة وجلة مما وقعت فيه، وأخرى أهيأ منها وأقبل وأنطق وأعقل وأعرف منها، لعلها لا تخاف ما خافت هذه، لئن دخلت هذه الجنة ما ضرها سوادها. ثم قال أشهب بأثر ذلك: ما الدين أو ما الأمر إلا الخوف. قال أصبغ: وهو الخشية، قال الله تبارك وتعالى:{وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ}[الرعد: ٢١] ، قال أصبغ: وبلغني عن ابن مسعود أنه كان يقول: كفى بخشية الله علما، وكفى بالاغترار به جهلا.
قال محمد بن رشد: إنما لم يوجب عليها في يمينها بالله الكفارة لأنها كانت ناسية، فكانت اليمين لغوا، وأوجب عليها المشي إلى بيت الله لأنه لا يكون اللغو في المشي ولا فيما سوى اليمين بالله. فلما قالت له إنها لا تقدر على [المشي، قال تركبين وتهدين، فلما قالت له إنها لا تقدر على] شيء وهي ترعد فزعة من أن تكون قد وقعت من الإثم فيما لا مخلص لها منه، قال لها لا شيء عليك، أي لا إثم عليك في ركوبك إذا لم تقدري على المشي، ولا في ترك الهدي إذا لم تقدري عليه، يريد حتى تجدي وتقدري، [بين ذلك قوله لها في سماع أشهب من كتاب الحج: وليس عليك عجلة حتى تجدي وتقوي] وأمرها أن تركب وتهدي ولم يقل بعد أن تمشي ما قدرت وهي إرادته، ولم يقل إنها ترجع ثانية، فيحتمل أن يكون إنما لم يأمرها بذلك لأنه رأى من حالها أنها لا تقدر على أن تمشي الطريق