من معه: ليس عليك شيء وأنت لم تحلف إلا تطعم لها طعاما فكل ولقمته بكفها وسقته بيدها.
فقال: لا أرى عليه حنثا، هو لم يكلمها ولا دخل منزلها، قيل له: إن منزلها في حائط ومن دونه حائط، فلما انتهى إلى الحائط الأدنى جلس هنالك حتى خرجت إليه، فقال: لم تقولوا لي هذا ولست أدري ما هو؟ فأما قولك الأول فلا أرى عليه حنثا، قيل له: فإن في يمينه ألا يشهد لها محيا ولا مماتا أبدا، ثم قد أكل من طعامها وشرب من شرابها ولقمته بكفها وسقته بيدها، فقال: ما فهمت هذا منه، وهذا مشكل ولست أدري ما هو؟
قال محمد بن رشد: القياس في هذه المسألة ما أجاب به أولا من أنه لا حنث عليه لأنه حلف ألا يكلمها ولا يدخل لها بيتا ولا يشهد لها محيا ولا مماتا أني مشهد ولا جنازة ولم يفعل شيئا من ذلك ثم توقف لما قيل له إن منزلها في حائط داخل حائط، وأنه لما انتهى إلى الحائط الأدنى إلى منزلها جلس هنالك حتى خرجت إليه، وخشي أن يكون الحائطان جميعا في حكم منزلها لما كان داخلهما على أصله من أن من حلف ألا يدخل بيت رجل يحنث بدخول منزله، وهو إغراق لمؤنه إنما يحنث بدخول المنزل من حلف ألا يدخل البيت؛ لأن المنزل وهو الدار مسكن كما أن البيت مسكن، وليست الحوائط بمساكن، وابن القاسم لا يرى أن يحنث بدخول الدار من حلف ألا يدخل البيت، على ما يأتي في رسم الرهون من سماع عيسى، فكيف بهذا؟ وخشي أيضا أن يكون معنى يمينه اجتناب أمرها كله، فيحنث بأكل طعامها وإطعامها إياه بيدها، والأمحص أنه لا حنث بذلك؛ لأنه قد سمى جميع ما حلف عليه وليس هذا من معناه، والله أعلم.