ومن غيره فقال لا أدري ما هذا إذا كان ذا هيئة خلوه، وإن كان غير ذي هيئة جلدوه وما أدري هذا؟ وما أحب أن أحد الناس في مثل هذا.
قال محمد بن رشد في بعض الكتب: أفترى إذا قاله لذي الهيئة أن يختلف منه ومن غيره كما في داخل الكتاب، وفي بعضها: أفترى إذا قاله ذو الهيئة أن يختلف منه ومن غيره، وهو الصحيح في المعنى الذي يدل عليه قوله: لا أدري ما هذا إذا كان ذا هيئة خلوه، وإذا كان غير ذي هيئة جلدوه، وإنما توقف مالك، والله أعلم عن الفرق بين ذي الهيئة وغيره، فقال: لا أدري ما هذا مع ما جاء عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - من قوله:«أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم» لوجهين، أحدهما أن المراد في الحديث لذوي الهيئات أهل المروءة والصلاح على ما روى النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - من قوله:«تجافوا عن عقوبة ذوي المروة والصلاح» فخشي أن يحمل ذلك على عمومه في أهل الصلاح وغيرهم، والثاني أن التجافي عن ذوي المروءة والصلاح إنما يكون إلى الإمام فيما لا يتعلق به حق لمخلوق، ولم يبلغ أن يكون حدا لأنه إذا بلغ أن يكون حدا فقد خرج به فاعله عن أن يكون من أهل الصلاح إلى أن يكون من أهل الفسق، ومن أهل العلم من رأى أن التجافي فيها كان من ولات ذوي الهيئات إلى الإمام في حقوق الله تعالى وحقوق الناس ولم ير ذلك مالك، ولذلك قال: لا أدري ما هذا إذا كان ذا هيئة خلوه وإذا كان غير ذي هيئة جلدوه؛ لأن التجافي عن السب إنما هو إلى المسبوب لا إلى الإمام، فقول الرجل للرجل يا كلب يفترق فيه ذو الهيئة من غيره في القائل والمقول له، فأما إذا كانا جميعا من ذوي الهيئة عوقب القائل عقوبة خفيفة بها، ولا يبلغ به السجن، وإذا كانا