للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبض الدرهم، ويكون ذلك له على المشتري يأخذه؛ لأنه لم يزل ولم يفارقه، إنما اكتال الرطب، ثم قال له: هات الدرهم؛ فقال له: قد دفعته إليك، فقال الرطاب: لم تدفع إلي شيئا؛ وكذلك الرجل يبتاع الطعام فاكتاله في وعائه، ثم يقول له رب الطعام: هات الثمن؛ فيقول المشتري: قد دفعته إليك، فيقول رب الطعام: ما دفعت إلي شيئا قبل أن يتزايلا، فقالا: لا أرى القول في هذا إلا قول رب الطعام، ويحلف وعليه اليمين، وذلك أنه لم يزايله.

قال محمد بن رشد: جعل مالك في هذه الرواية القول قول الرطاب مع يمينه أنه ما قبض منه الدرهم ما لم يعترفا إذا ادعى المبتاع أنه دفعه إليه، ولم يبين متى ادعى أنه دفعه إليه؛ فأما إن قال: دفعته إليه بعد أن قبضت الرطب، فلا اختلاف في أن القول قول الرطاب، وأما إن قال: دفعته إليه قبل أن أقبض الرطب، ففي ذلك ثلاثة أقوال؛ أحدها: أن القول قول البائع، وهو ظاهر قول مالك في هذه الرواية. والثاني: أن القول قول المبتاع، وهو قول مالك في رواية ابن القاسم عنه من كتاب ابن المواز. والثالث: أن القول قول المبتاع في كل ما الشأن فيه قبض ثمنه قبل قبض المثمون، وهو قول ابن القاسم في كتاب ابن المواز.

وجه القول الأول أن المبتاع مقر بقبض المثمون مدع لدفع الثمن، فعليه إقامة البينة على ما يدعي من الدفع، فإن لم تكن له بينة، حلف البائع، لقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر» . ووجه القول الثاني أنه قد كان من حق البائع ألا يدفع إليه ما باع منه حتى يقبض ثمنه؛

<<  <  ج: ص:  >  >>