يخرج للناس في الأرزاق، فلا أرى ببيع ذلك بأسا قبل أن يستوفى.
قال محمد بن رشد: إنما خير عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أزواج النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فيما خيرهن فيه؛ لأن النفقة كانت واجبة لهن بعد موت النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فيما أفاء الله عليه من بني النضير، وفدك، وسهمه بخيبر؛ بقوله عز وجل:{وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ}[الحشر: ٦] الآية، كما كانت تجب لهن في حياته من أجل أنهن - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ - كن محبوسات عليه، ليكن أزواجه في الجنة محرمات على غيره، يبين ذلك قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لا يقتسم ورثتي دينارا ما تركت بعد نفقة نسائي، ومؤنة عائلتي؛ فهو صدقة» ؛ فكان أبو بكر الصديق - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بعد النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يلي ما أفاء الله على نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من ذلك، مما كان يليه هو - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حياته؛ وكان ينفق منه على عياله، ويجعل ما بقي في الكراع والسلاح؛ وفي هذه الولاية تخاصم إليه علي والعباس، ليوليها كل واحد منهما بما كان يليها به - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم سار عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بعد أبي بكر في ذلك بسيرة النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وأبي بكر؛ غير أنه خير أزواج النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فيما يخترنه من إقطاع الأرض أو إجراء الأوسق؛ فهذا معنى قوله: فعمر بن الخطاب أول من أجرى لهن هذه الطعمة يريد لمن اختار ذلك منهن دون إقطاع الأرض، وقوله في السؤال لمالك: أفترى أن يبيع أهل تلك الطعمة طعمتهم قبل أن يستوفوها؟ معناه أفكان يجوز لمن أجرى له منهن - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ - هذه الطعمة أن يبيعها قبل أن يستوفيها؟ فقال: نعم؛ لأن ذلك ليس ببيع، وإنما أعطين عطاء، يريد بحق وجب لهن لا عن عوض؛ ثم قال: وكذلك طعام