في مخالطة اليتيم في النفقة قال: وسئل مالك عن اليتيم يكون عند الرجل فيأخذ نفقته فيريد أن يخلطها بنفقته ويكون طعامهم واحدا كيف ترى فيه؟ قال:
لما أخبرك بالشأن فيه، إن كان يعلم أنه يفضل عليه وأن الذي ينال اليتيم من طعامه هو أكثر وأفضل من نفقته فلا أرى بذلك بأسا، وإن كان لا ينال من ذلك الذي هو أفضل فلا يعجبني ذلك.
قال محمد بن رشد: قول مالك هذا صحيح بين أخذه من قول الله عز وجل: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ}[البقرة: ٢٢٠] أي يعلم من يخالط اليتيم لينفعه بما يصيب اليتيم من طعامه زائدا على ما يصيب هو من طعام اليتيم، أو لينتفع هو بما يصيب من طعام اليتيم زائدا على ما يصيب اليتيم من طعامه.
وقد اختلف في السبب الذي من أجله سألوا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن اليتامى فأنزل الله في ذلك ما أنزل، فروي عن ابن عباس قال: لما نزلت {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[الأنعام: ١٥٢] و {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا}[النساء: ١٠] الآية. انطلق من كان عنده يتيم يعزل طعامه من طعامه وشرابه من شرابه، فجعل يفضل الشيء من طعامه فيحبس له حتى يأكله أو يفسد، فاشتد ذلك عليهم، فذكروا ذلك للنبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فأنزل الله عز وجل:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ}[البقرة: ٢٢٠] فخلطوا طعامهم بطعامهم،