للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشرابهم بشرابهم، وقد روى أن اتقاء مال اليتيم واجتنابه كان من أخلاق العرب، كانوا لا يأكلون معهم في قصعة واحدة ولا يركبون لهم بعيرا ولا يستخدمون لهم خادما، فلما جاء النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - سألوه عن ذلك فقال الله عز وجل: {قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ} [البقرة: ٢٢٠] أي إن تفضلكم عليهم بإصلاحكم أموالهم من غير مرزئة منكم لشيء من أموالهم خير لكم عند الله لما لكم في ذلك من الثواب عنده وخير لهم في أموالهم في عاجل دنياهم، ثم قال: {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} [البقرة: ٢٢٠] أي إن تخلطوا أموالكم بأموالهم في المطاعم والمشارب وغير ذلك فينتفعون بمخالطتكم إياهم عوضا من قيامكم على أموالهم فهم إخوانكم، والإخوان يعين بعضهم بعضا.

وقد اختلف أهل العلم فيما يحل للولي من مال يتيمه لقول الله عز وجل: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ٦] ، بعد إجماعهم على أن أكل مال اليتيم ظلم من الكبائر لا يحل ولا يجوز، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا} [النساء: ٢] وقَوْله تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء: ١٠] .

فأما الفقير المحتاج فلا اختلاف في أنه يسوغ له أن يأكل من مال يتيمه بعد اشتغاله به وخدمته فيه وقيامه عليه، على ما جاء عن ابن عباس من قوله للذي سأله هل له أن يشرب من لبن إبل يتيمه: إن كنت تبغي ضالة إبله وتهنأ جرباها وتلط حوضها وتسقيها يوم ورودها فاشرب غير مضر بنسل ولا ناهك في الحلب.

<<  <  ج: ص:  >  >>