للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يغسلها بالحنا والسدر» وما في كتاب الحج من الموطأ من قول عبد الله بن عمر وأَما الصفرة فإني رأيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصبغ بها، فأَنا أحب أَن يصبغ بها. قيل: في الثياب، وقيل معناهُ في الخضاب. وكان مالك لا يخضب، وروي أن بعض ولاة المدينة قال له: ألا تخضب يا أبا عبد الله، فقالَ له: لم يبق عليك من العدل إلَّا أن أخضب. وكان الشافعي قد عجل به الشيب فكان يخضب. وأما الخضاب بالسواد، فكرهه جماعة من العلماء، لما رُوي من أَنَه «جِيءَ بأَبِي قُحافة إِلَى النَّبِيَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَوْمَ الْفَتْح. وكَأَنَ رَأسَهُ ثَغَامَة فقال: اذهْبُوا بِهِ إِلَى بَعْض نِسَائِهِ، فَغَيِّرُوهُ، وَجَنِّبُوهُ السوَادَ» . وقد سُئل سعيد بن جبير عن الخضاب بالوسمة فقال: يكسو الله العبد في وجهه النور، ثم يُطفِئه بالسواد، وقد خضب بالسواد جماعة، منهم الحَسن، والحسين، ومحمد، بنو علي بن أَبي طالب، ونافع بن جُبير، وموسى بن طلحة، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وعقبة بن عامر، وكان عقبة ينشد في ذلك.

تخَضَّبُ أَعْلاها وَتَأبَى أُصولها ... وَلَا خَيْرَ فِي الأعْلَى إِذَا فَسَدَ الأصْلُ

وكان هُشيم يخضب بالسواد، فأَتاه رجل فسأله عن قول الله عزَّ وجلّ: {وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} [فاطر: ٣٧] فقال له: إِنه الشيب. فقال له السائل: فما تقول فيمن جاء النذير من ربه فسود وجهه، فترك الخضاب. وبالله التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>