أخرج هو، مثال ذلك أن يكون صاحب الأرض هو الذي ولي العمل والزراعة فادعى أنه جعل جميعه على السلف لشريكه وقيمة كراء الأرض وعمله عشرة دنانير، وقيمة كراء بقر صاحبه عشرون دينارا فيصدق فيما ادعى من السلف؛ لأنه هو الذي ولي الزراعة ويلزمه إقراره على نفسه بفساد الشركة فيرجع عليه شريكه بخمسة دنانير، لأن جميع كراء ما أخرجاه جميعا ثلاثون دينارًا، على مدعي السلف من ذلك خمسة عشر دينارا أخرج منها عشرة عليه ولشريكه خمسة يأخذها منه إن رجع إلى تصديقه، وكذب نفسه على اختلاف في هذا الأصل، إذ قد قيل إنه يأخذ ما أقر له به، وإن تمادى على إنكاره وإن كان قيمة ما أخرج الذي ادعى عليه سلف الزريعة أكثر من قيمة ما أخرج صاحبه لم يكن له عليه رجوع على القول بجواز التفاضل في المزارعة، وهو الظاهر من ابن وهب في هذه المسألة، لقوله فيها: ولصاحب الأرض قيمة كراء الأرض على صاحبه ونصف قيمة العمل معناه، ويكون لصاحبه عليه نصف كراء أزواجه، فإن كان كراء أرضه وعمله أكثر من قيمة كراء أزواج صاحبه لم يرجع عليه بشيء، وإن كان قيمة كراء أزواج صاحبه أكثر من قيمة كراء أرضه وعمله رجع عليه بنصف فضل ما بين الكراءين، لأنه مقر على نفسه بفساد الشركة ووجوب التقويم والتراجع، وأما على القول بأن التفاضل في المزارعة لا تجوز فيرجع من كان له فضل منهما على صاحبه حتى يعتدلا، لأن المزارعة تفسد من هذا الوجه أيضا، فيجب بذلك لمن كان له منهما فضل على صاحبه في قيمة كراء ما أخرج أن يرجع به حتى يعتدلا.
ولم يتكلم أشهب على التقويم فيحتمل أن يكون سكت عنه فلا يكون قوله مخالفا لقول ابن وهب، ويحتمل أن يكون لم يره بحال إذ ليس في السؤال بيان أن مدعي السلف ادعى أنه شريك صاحبه على ذلك، فحمله على أنه تطوع بالسلف خلاف ما حمله عليه ابن وهب والله أعلم وبه التوفيق.