صاحب الأرض إذًا لي الزريعة التي زرعت عنك، فقال صاحب الأرض: قد زرعت ما كان علي منها وخلطنا زريعتنا جميعا، أخرجت أنا النصف وأخرجت أنت النصف، وإنما زرعت زريعتنا جميعا، وليس لك علي شيء ولم تسلفني شيئا، وقال الزارع: بل الزريعة كلها من عندي، وقد صار نصفها لي عليك، فعلى من البينة منهما؟ قال: القول للعامل منهما وهو الزارع الذي ولي الزريعة والعمل، والزرع بينهما نصفان لأنها شركة فاسدة قد وقعت وفاتت بالبذر والزرع، لأنه يقر أنه إنما زرع على أن نصف الزريعة على صاحبه مضمونة سلفا منه، فهو كمن أخرجها من عنده، ولصاحب الأرض نصف قيمة كراء الأرض على صاحبه ونصف قيمة العمل إن كان هو العامل، وإن كان الآخر هو العامل فله نصف قيمة كراء أزواجه وعمله، وما سوى من ذلك من المسألة فهو على ما فسرت لك في صدرها، لا يبالي أيهما كان ويرجع العامل بنصف البذر على صاحبه بعد اليمين، وقال أشهب: إذا قامت البينة لأحدهما أنه الزارع وأن البذر كان في يديه فله على صاحبه نصف ذلك البذر، ويحلف بالله الذي لا إله إلا هو أنه له، وما لصاحبه مما زرع من الزريعة قليل ولا كثير.
قال محمد بن رشد: قول ابن وهب في هذه المسألة إنها شركة فاسدة معناها على ما حملها عليه من أن العامل ادعى أنه زارع صاحبه على أن يجعل عنه نصيبه من الزريعة سلفًا، فهو يصدق فيما يدعي من أنه هو أخرج الزريعة كلها من عنده، لأنه هو الذي ولي زراعتها، ولا يصدق فيما ادعاه من الفساد في المزارعة بشرط السلف، غير أنه مقر بذلك على نفسه، فإن كان عليه في ذلك درك لشريكه أداه إليه، إذ قد يكون قيمة كراء ما أخرج أقل من قيمة كراء ما أخرج شريكه فيرجع عليه بنصف ما زاد كراء ما أخرج على ما