فيتزوجها مسلم، قال: لا أفسخ نكاحه ذلك، دخل بها أو لم يدخل؛ لأن مالكا قد كان يقول قديما تجزيها حيضة.
قال محمد بن رشد: قوله: لأن مالكا قد كان يقول قديما تجزيها حيضة، يدل على أن الذي رجع إليه أنه لا يجزيها، إذا أراد المسلم أن يتزوجها إلا ثلاث حيض، وهو الذي في المدونة، فعلى قوله فيها يفسخ النكاح إن تزوجها قبل ثلاث حيض، وهو قول ابن وهب في كتاب ابن المواز وهذا الاختلاف يدخل في المعنى في النصرانية يطلقها المسلم؛ لأن الأصل في اختلافهم في الكفار، هل هم مخاطبون بشرائع الإسلام أم لا؟ فعلى القول بأنهم مخاطبون بشرائع الإسلام، لا يجوز للمسلم أن يتزوجها إذا طلقها زوجها، مسلما كان أو نصرانيا إلا بعد ثلاث حيض، وتمنع من نكاح نصراني إذا طلقها مسلم إلا بعد ثلاث حيض، وعلى القول بأنهم غير مخاطبين بشرائع الإسلام، يكتفى في ذلك كله بحيضة، على القول بأن الحيضة الواحدة هي للاستبراء، والاثنتان عبادة لغير علة، وكذلك المجوسية إذا أسلم زوجها فأبت الإسلام، يدخل فيها هذا الاختلاف، وهو موجود أيضا. حكى ابن المواز عن ابن القاسم من رواية أبي زيد عنه أنها تستبري نفسها بالحيضة. وقال أحمد بن ميسر: بثلاث حيض؛ لأنها عدة من مسلم. ذكره ابن حارث. فيتحصل في الكتابية إذا مات عنها زوجها المسلم، وقد دخل بها ثلاثة أقوال: أحدها: أنها تعتد بأربعة أشهر وعشر، وهو أحد قولي مالك، على القول بأن الكفار مخاطبون بشرائع الإسلام، والثاني: أنها تعتد بثلاث حيض، وهو قول مالك الثاني، على القول بأن الكفار غير مخاطبين بشرائع الإسلام، وأن الثلاث حيض كلها استبراء، والثالث: أنها تعتد بحيضة واحدة، على القول بأن الكفار غير مخاطبين بشرائع الإسلام، وأن الحيضة الواحدة استبراء، والاثنتان تعبد ولا يجب عليها في الوفاة قبل الدخول عدة، على القول بأن الكفار غير مخاطبين بشرائع الإسلام. وقد حكى هذا القول عن مالك ابن الجلاب.