المهزول فيخلطهما جميعا فيبيعها بوزن واحد مخلوطا، والمشتري يرى ما فيه من المهزول والسمين، غير أنه لا يعرف وزن هذا من هذا، قال ابن القاسم: إذا كانت الأرطال اليسيرة الخمسة والستة، ومثل ما يشتري الناس على المجاز بالدرهم والدرهمين ونحو ذلك، فلا أرى به بأسا، وإن كثرت الأرطال مثل العشرين والثلاثين وما أشبه ذلك فلا خير فيه، وأرى أن يمنع الجزارون من مثل هذا أن يخلطوا السمين والمهزول، وأراه من الغش، ولا أرى ذلك يجوز لهم.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال؛ لأن البيوع لا تنفك عن الغرر اليسير فهو مستخف فيها مستجاز، ومن الدليل على ذلك أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نهى عن بيع الغرر،» والبيع لا يوصف بأنه بيع غرر حتى يكون الغرر ظاهرا فيه وغالبا عليه، وإنما يجوز شراء الأرطال اليسيرة من اللحم المخلوط السمين بالمهزول إذا اشتراه كله، فرأى ما فيه من السمين والمهزول، وإن لم يعرف حقيقة ما يقع من هذا؛ لأن الغرر في هذا خفيف يسير، فأما إن كان إنما يشتري منه وزنا معلوما على أن يعطيه إياه من السمين والمهزول وهو لا يدري قدر ما يعطيه من كل واحد منهما، ولا يراه حتى يزنه فلا يجوز قليلا كان أو كثيرا، إلا أن يقع شراؤه على أنه في الخيار فيه حتى يفرزه ويزنه، وعلى هذا المعنى يجوز عندنا شراء التين الأخضر على العد؛ لأنه لو اشترى منه من جملة تينه مائة تينة في التمثيل على أن يعدها له البائع، أو على أن يعدها المبتاع لنفسه ليختارها لم يجز