حدثنا عبدة، عن محمد بن إسحاق، عن أبي جعفر، عن أبيه علي بن حسين قال: وجدنا صحيفة مقرونة مع قائم سيف رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فيها بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أشد الناس عذابا القاتل غير قاتله، والضارب غير ضاربه، ومن جحد نعمة مولاه، فقد كفر بما أنزل الله، ومن آوى محدثا فعليه لعنة الله وغضبه لا يقبل منه يوم القيامة صرف ولا عدل.
قال محمد بن رشد: قوله: به لمم، أي خبل وصرع، وبه جنون من مس الشيطان، قال تعالى:{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ}[البقرة: ٢٧٥] ، لا يقوم أكلة الربا في الآخرة إلا كما يقوم في الدنيا الذي يصيبه الخبل والصرع من الجنون، وقوله: وقيل له: إن شئت أن تقتل صاحبك قتلناه هو من كذب الذين يعالجون المجانين ومخاريقهم الذين يزعمون أنهم يقتلون بكلامهم وعزائمهم الشيطان الذي يصرع المجنون ويسجنونه إذا شاءوا ويعاقبونه بما شاءوا، وذلك من خرق العادة الذي خص الله به سليمان - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، بإجابته دعوته في قوله:{وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ}[ص: ٣٥] الآية.
وقد جاء في الصحيح عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أنه قال:«اعترض لي الشيطان في مصلاي هذا، فأخذته بحلقه فخنقته حتى إني لأحد برد لسانه على ظهر كفي، ولولا دعوة لأخي سليمان قبلي لأصبح مربوطا تنظرون إليه» فإذا لم يقدر النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - على ربطه من أجل دعوة أخيه سليمان {وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}[ص: ٣٥] فأحرى