بذلك قد عزم على الطلاق والصدقة، فأرى ذلك نافذا وإن لم يخرج من يده الكتاب في الطلاق وفي الصدقة كذلك أيضا.
قال محمد بن رشد: قوله: أراه من ذلك في سعة مخيرا، معناه: إذا كتبه غير عازم على إنفاذه.
وتحصيل القول في هذه المسألة أن الرجل إذا كتب طلاق امرأته لا يخلو من ثلاثة أحوال: أحدها أن يكون كتبه مجمعا على الطلاق، والثاني أن يكون كتبه على أن يستخبر فيه، فإن رأى أن ينفذه أنفذه، وإن رأى ألا ينفذه لم ينفذه، والثالث أن لا تكون له نية. فأما إذا كتبه مجمعا على الطلاق، أو لم تكن له نية، فقد وجب عليه الطلاق، طاهرا كانت أو حائضا، فإن كانت حائضا أجبر على رجعتها، وأما إذا كتبه على أن يستخبره ويرى رأيه في إنفاذه، فذلك له ما لم يخرج الكتاب من يده. قال في الواضحة وكتاب ابن المواز: ويحلف على نية فإن أخرج الكتاب من يده عازما على الطلاق، ولم تكن له نية، وجب عليه الطلاق بخروج الكتاب من يده، وصل إليها أو لم يصل، طاهرا كانت أو حائضا أيضا، ويجبر على رجعتها إن كانت حائضا.
واختلف إن أخرج الكتاب من يده، على أن يرده إن بدا له، فقيل: إن خروج الكتاب من يده كالإشهاد، وليس له أن يرده وهي رواية أشهب هذه. وقيل: له أن يرده إن أحب، وهو قوله في المدونة. والقولان في رسم النسمة من سماع عيسى من كتاب الأيمان بالطلاق، وسواء على مذهب ابن القاسم كتب إليها: أنت طالق، أو إذا طهرت من حيضتك فأنت طالق لأنه عنده أجل آت، فيتعجل عليه الطلاق، وقال أشهب: إذا كتب إليها: إذا طهرت فأنت طالق، أو إذا حضت فأنت طالق، لم يعجل عليه الطلاق حتى تطهر، وحتى تحيض.
فأما قوله: في إذا حضت إنه لا يعجل عليه الطلاق، فله وجه، إذ قد لا تحيض، فأشبه قوله: إذا قدم فلان فأنت طالق، وأما قوله: إذا طهرت فليس بين، إذ لا بد أن تطهر، وإن تمادى بها الدم كانت مستحاضة، والمستحاضة في حكم الطاهر، والذي نحا إليه أنها تموت قبل أن تطهر، فيكون الطهر لم