في مرضه بوضع الخدمة عنه، وبعتاقة عبيد سواه يحاصهم أيهم يبدأ؟ قال: أرى له المحاصة مع الموصى لهم بالعتاقة، وأما إن كان معه مبتول العتاقة، أو مدبر مهم يبدءون عليه. قلت: فما يحسب في ثلث سيده مما يحاص به، أقيمته أم قيمة الخدمة مما بقي من أجلها؟ قال: بل، قيمة الخدمة.
قال محمد بن رشد: إنما قال: إن المعتق إلى أجل، إذا أوصى له بوضع الخدمة عنه يتحاص مع الموصى بعتقهم؛ لأن المعتق إلى أجل أحكامه أحكام العبد في جميع الأشياء، فلا فرق في التأكيد بين أن يوصي بتعجيل عتقه، وبين أن يوصي بعتق عبد آخر، فوجب أن يتحاصا إن ضاق الثلث عنهما، والقياس على هذا أن يحاص بقيمة رقبته، لا بقيمة خدمته، وهو قول ابن القاسم وروايته عن مالك في رسم إن أمكنتني، من سماع عيسى، من كتاب العتق.
وقال أشهب فيه: لا يقوم في الثلث إلا قيمة خدمته، مثل قول ابن القاسم في هذه الرواية، وهو أظهر؛ لأن العتق في الرقبة قد ثبت، وإنما بقي لسيده فيه الخدمة، ووجه القول الآخر ما ذكرناه من أن الحرية تبع للرق، وأما قوله: إنه إن كان معه مبتول العتاقة، يريد: في المرض، أو مدبر، فهم يبدءون عليه، يريد وعلى الموصى بعتقه، فالوجه فيه، إن له أن يرجع على الموصى بعتقه، وعن الموصي بوضع الخدمة عنه، وليس له أن يرجح عن المدبر، ولا عن المبتل في المرض، وقد قيل: إن له أن يرجع عنه، فعلى هذا القول، يتحاص الموصي بوضع الخدمة عنه، والموصى بعتقه، والمبتل في المرض.
وقد مضى هذا في رسم العتق من سماع عيسى، وفي رسم طلق ابن حبيب، من سماع ابن القاسم، وبالله التوفيق.