ووجه ذلك: أن رب المال لما رضي أن يكون المال عند كل واحد منهما برضا الآخر فقد رضي أن يكون نصفه عند كل واحد منهما. وقول ابن القاسم أظهر؛ لأنهما إذا اقتسماه على سبيل التشاح فلما ترك كل واحد منهما نصف المال لصاحبه بما ترك له صاحبه من نصفه الآخر فاتهما على أنهما فعلا ذلك لأنفسهما لا نظرا لصاحب المال فوجب أن يضمنا.
والحكم في ذلك إذا تشاحا واختلفا عند من يكون منهما فأراد كل واحد منهما أن يكون عنده أو أراد كل واحد منهما أن يكون عند صاحبه أن يتبع قول صاحب المال في ذلك على ما قال في أول رسم من سماع أصبغ بعد هذا وذلك ما لم يقبض المال بعد، فإن كان قد قبض أقر بيد الذي دفعه صاحبه إليه منهما.
قال في رواية أصبغ المذكورة: فإن كان دفعه إليهما جميعا فجميعا وذلك يكون مثل أن يأتي بالمال إليهما وهو في المسجد أو في غير منزل أحدهما فيضعه بين أيديهما، ويقول لهما: هذا المال وديعة عندكما، أو قراض بأيديكما أو بضاعة عندكما ويذهب عنهما.
فيختلفان عند من يكون منهما، وليس في قوله فإن كان دفع إليهما جميعا فجميعا بيان في وجه الحكم في ذلك، إذ لا يمكن أن يكون المال كله عندهما جميعا. فهو كلام فيه إشكال.
يحتمل أن يريد به أنه لا مزية لواحد منهما على صاحبه فيه فيجعله الإمام عند من رأى منهما، ويحتمل أن يريد وهو الأظهر أن الإمام يقسمه منهما على ما روى علي بن زياد عن مالك في الوصيين يتشاحان في المال أنه يقسم بينهما. وليس قول ابن القاسم هذا على هذا التأويل، ولا رواية علي بن زياد عن مالك بمخالفة لما اتفقت عليه الروايات من أنه ليس لهما أن يقتسما المال بينهما. فتحصيل هذا أنهم اتفقوا على أنه لا يجوز لهما أن يقتسما المال بينهما.
واختلفوا إن اقتسماه هل يضمناه أم لا؟ واختلفوا أيضا إذا تشاحا عند من يكون منهما ورب المال غائب أو ميت ولم يدفعه إلى أحدهما ولا قبضه واحد منهما بعد، أو قبضه دون إذن صاحبه ودفعه إليهما جميعا فلم يبن به واحد منهما بعد أن بان به دون صاحبه. فقيل: إنه يقسم بينهما. وهو قول مالك في