العبد يجرح الحر المسلم فلا يكون بينهما قود؟ فقال: إن العبد يؤخذ في ذلك أحيانا عبدا وإن النصراني لا يؤخذ في ذلك عبدا، ففي هذا تسليط للنصراني على المسلمين أن يعمدوا النصراني إلى المسلم فيفقأ عينه ثم يعطيه دراهم يعينه فيها أهل دينه ويحوطونه في ذلك، فأرى أن يجتهد في مثل هذا السلطان الرأي، وقد كان ربيعة وغيره يقولون في مثل هذا النصراني يزني بالمسلمة وما أشبه هذا.
هذا نقض لعهدهم، فقيل لمالك يا أبا عبد الله: أفترى أن يقاد منه؟ فقال: لا أدري الآن، وما هو بمنزلة العبد يؤخذ في ذلك أحيانا رقيقا، والنصراني لا يؤخذ في ذلك رقيقا، وقد يحتمي له أهل دينه فيفقأ عين مسلم فيعطيه دراهم وهو أيسرهما عليه، قال سحنون، قال ابن نافع: المسلم بالخيار إن شاء استقاد وإن شاء أخذ العقل.
قال محمد بن رشد: من شروط صحة القصاص في الجراح استواء الجارح والمجروح في المرتبة بالإسلام أو الكفر وبالحرية أو الرق، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}[المائدة: ٤٥] يوجب ألا يقتص في الجراح من العبد للحر ولا من الحر للعبد وألا يقتص فيها من النصراني للمسلم ولا من المسلم للنصراني إلا أن مالكا وقف إذا جرح النصراني المسلم فأراد المسلم أن يقتص منه للعلة التي ذكرها وصرف ذلك إلى اجتهاد الإمام إن رأى يمكنه من القصاص منه أمكنه من ذلك، أو يحكم له بدية جرحه فعل، وصرف مالك الحكم في ذلك إلى اجتهاد الإمام يدل من مذهبه على القول بتصويب المجتهدين، وقال ابن نافع: إن من حق المسلم المجروح أن يقتص من جارحه النصراني إن شاء، ومثله لابن عبد الحكم في المختصر، وقد قال له الدية ولا قود بينهما، فالاختلاف إنما هو إذا أراد المسلم أن يقتص، هل له